خيوط العنكبوت
الذي اصاب اوصالهم جميعا.
ظلت تربت على ظهرها بحنو واجلستها بجوارها ترمقها بتفحص ثم دارت عينيها تطالع دلال هاتفة بقلق
حصل ايه تاني للبنت يا دلال حياة مش هي حياة اللي اعرفها مش الشيخ عبدالله طمنكم
لاحت شبح ابتسامة أعلى ثغر حياة وردت هي قائلة بكلمات مقتضبة لم يفهمها أحد منهما
ليتا الحزن الذي سكن القلب كان أصله تعويذة قادرين على صرفه يا ليتنا ظللنا أطفال نلهو ونمرح ولن نصل لكل ما وصلنا إليه الآن.
حقا مهما بلغت بك السعادة فاعلم بأن السعادة لا تدوم كم الحزن أيضا لم يدوم
هاتفه وعلم بوجوده داخل الشركة وابلغ سليم سكرتيرته الخاصة بأن عندما يصل السيد فاروق تدعه يدلف مكتبه على الفور وظل سليم قابعا خلف مكتبه يعلم سبب الزيارة المتوقعة فهو لم يتفاجئ بخبر قدومه كان يظن قدومه بين لحظة وأخرى منذ أن تركت حياة منزله بصحبة والدته وهو لم يعنيه الأمر شيئا يتمثل الجمود والبرود ولكن هذا أفضل بكثير من ان يضعهم في خطړ جلي يلحق بهم أثر ما فعله والده بالماضي فكم من روح فارقت جسد صاحبها برصاصة غدر من سلاح جلبه والده جلب المۏت والدمار والخړاب لأهل بلدته كم من روح لاقت حتفها غدرا كم من أسرة هدمت وترملت نساءها وفقدت زهرة شبابها كم من أم مكلومة بكت نحيبا على فراق فلذة كبدها وزهرة عملها كم من طفلا تيتم وخسر سنده وأمانه في الحياة هذا حقا هو عدل الله فيما اقترفه والده من سكف دماء وارواح الأبرياء كما أيضا فعل بسړقة الأعضاء البشرية من فقير مكلوب غير قادر على الصړاخ والمطالبة بحقه كلما تذكر ما فعله والده تزرف عينيه دماء لا دمع ېنزف قلبه وجرحه غائرا لم يشفى منه ولا يدمي ابدا مهما حيي وفعل لن يكفر عن ما فعله والده هذا القلب الذي ينبض بصدره ليس من حقه ان ينبض بسعادة وان يفرح ويحب مثل باقي البشر وهو يعاقب نفسه بذلك ليس من حقه ان يعيش حياة سعيدة واخرين سلب والده حقهم في العيش بسلام وأمان وحرمهم كل متع الحياة يتقبل بعدها من أجل الٹأر والاڼتقام من نفسه لن يتحمل خسارتها يتحمل فراقها وبعدها خوفا منما لم يتحمل عليه قلبه بعد..
أخرجه من شرودة المعذب صوت طرقات أعلى باب مكتبه تنهد بعمق ثم صوب أنظاره ناحية الباب وأذن بالدخول لتدلف الفتاة وهي تتقدم بخطواتها ووالد زوجته يقف بجوارها قائلة بترحاب
أتفضل حضرتك سليم بيه في انتظارك
نهض سليم عن مقعده وسار بخطوات واسعة وهو يمد يده لمصافحة
طالعه فاروق بنظرة عتاب فهمها سليم ثم رد على ترحيبه بفتور
منوره بصاحبها
ازدر ريقه بصعوبه وقال مشيرا إليه بالجلوس
أتفضل ياعمي استريح تحب تشرب ايه
خرجت منه تنهيدة حاړقة وقال
اقعد يا بني هم كلمتين اللي جاي فيهم مش محتاج أضايف
جلس سليم أعلى مقعده وطالعه باهتمام فهو يعلم بسبب الزيارة.
استطرد الاخير حديثه قائلا
ساد الصمت لدقيقة ثم عاد فاروق حديثه
لو ناسي هفكرك قولت محتاج مهر بنتي السعادة والفرحة مش تفارقها مطلوب منك ماتنزلش دمعة تكون أنت سببها
انسلت من عينيه دمعة خائڼة واكمل كلماته بقلب منفطر
ليه يا بني مصونتش الأمانة اللي سلمتهالك وأنا على
ثقة تامة انك هتحفظها وتحافظ عليها هل بنتي قصرت في حقك هل ذنب بنتي أن السحر صابها
دي كانت محڼة وبلاء وكنت أولى الناس بالصبر على مراتك تقف جنبها تدعمها في مصابها خذلتها يا بني وجرحت كرامتها وكسرت قلبها ودوست عليه ولسه مكمل تدوس أسمع يا سليم انا مش جاي ارخص من بنتي أنا بنتي عندي ملكة واللي ما يقدرش يكون ليها ملك يبقى يسيبها ملكة متوجة في بيت ابوها وقلب ابوها اللي هيصونها ويساعها العمر كله
يا عمي أنا مااقدرش أخذل حياة كل ما في الأمر أن عاوز ابعدها عن البيت الفترة دي عشان سلامتها اقسم لحضرتك إن في وضع صعب من يوم الحاډث اللي حصل يوم عودتنا عمي انا بعتذر لحضرتك بس مش هقدر أوضح اسباب أكتر من كده وده عشان سلامة حياة
قال بوجه محتقن مثل الډماء
تبعد مراتك عنك عشان سلامتها باي حق تقول كده بص يا بني زي ما دخلنا بالمعروف نخرج بالمعروف
يعني اية
نهض فاروق عن مقعده استقام واقفا ينظر له بجمود
تطلقها يا بني والجواب باين من عنوانه أنت مش شريها أنت من الاول كنت محتاج ممرضة معاك في مرضك وتتحمل تعبك واخترت حياة عشان هي بنت أصول بس وخلاص بقيت بسم الله ماشاء واقف على رجلك ورجعت زي الاول مابقتش محتاج لممرضة تسلم يا ابن الأصول بنتي في بيتي ورقتها توصلها وانتهى الكلام ما بينا
غادر المكتب بلا غادر الشركة بأكملها بدماء تغلى في عروقه لم يتوقع منه الخذلان هو الآخر لذلك بتر كلماته بقلب غاضب ملتاع على أبنته صغيرته الرقيقة كعصفور الكناري الذي كان يكسو منزلهم بذقذقته ونغماته التي تنشد بأرق الألحان هكذا يكون مصيرها الا تستحق ل حياة أن تعيش الحياة..
الفصل الثالث عشر
هبطت الطائرة القادمة من مدينة نيويورك التي كانت على متن رحلتها للقدوم إلى القاهرة من أجل الحفاظ على سليم وعائلته بعدما اتتها أخبار باغتيالهم جميعا دون شفقة أو رحمة.
كان في انتظارها إحدى الضباط لتلك المهام الخاصة في أستقبالها بعدما تواصلت بما عرفته مع الشرطة المصرية..
أنهت أجراءات خروجها من المطار بسلاسة ثم سحبت متعلقاتها وجرت العربة أمامها وهي تتلفت حولها تترقب المتواجدون داخل صالة المطار من خلف نظارتها السوداء التي تغطي نصف وجهها.
تقدم الضابط من احد ضباط أمن المطار لكي يستعلم منه عن وصول الفتاة التي أت من أجلها أشار إليه الاخير بوجود الفتاة.
تقدم بخطواته الواثقة وبنيان جسده العريض فارع الطول مفتول العضلات بشړة قمحاوية وجبين عريض يمتلك شعر أسود قصير ناعم أملس يعقد حاجبيه الكثيفين ومقلتيه سوداويتين ذات اهداب طويله وانف مستقيم وشفتي واسعة يحاوطها شارب وذقن خفيفة تزيد من وقار طلته.
وقف في مقابلتها يطالع هيئة الفتاة من رأسها إلى اخمص قدميها فقد كانت ترتدي حلة سوداء أسفلها قميصا أبيض بارز منحنيات ص درها وملامح وجهها تتوارى خلف تلك النظارة التي وضعتها تحجب رؤيتها عن الجميع وقف في حبور يهتف بأسمها باللغة الإنجليزية
كرستين..
نزعت عن وجهها النظارة السوداء لتظهر جمال عيونها الرمادي الممزوج بزرقة طفيفة كأنك بين السماء وسحبها وبين البحر و ميائه الثائرة وشعرها الأشقر يتطاير خلفها في تمرد كسلاسل ذهبية متشابكة وتحررت في عاصفة هوجاء هبط بمقلتيه عند شفتيها المنتكزة كحبات التوت البري ووجنتيها يكسوها حمرة طفيفة برزت من بياض وجهها الناصع ذات طول فاره بقوام ممشوق وساحر.
قطعت تطالعه وتحديقه وهي تهتف بلهجتها الجادة المقتضبة
رائد كرستين جابي
رفع كفه يصافحه في رزانة وهو يخبرها عن أسمه هو الآخر
رائد باسل سلامة مرحبا بك في بلدك الثاني
تبسمت له في ود وأشار هو إليها بأن ترافقه ليغادرون المطار سويا متجهين إلى الفندق التي ستقام به خلال فترة تواجدها ب مصر ريثما تنهي المهمة السرية التي جاءت من أجلها..
داخل شركة السعدني..
ظل سليم في حالة من الصدمة والذهول بعدما غادر والد حياة مكتبه داخله يشتعل ڠضبا بكل ما يمر به من أحداث تتصاعد وتتفاقم فوق رأسه لم يعد قادرا على تحمل كل هذا هو أنسان من لحم ودم ومشاعر كيف يتعامل كونه من صخر وحجر كيف يتحمل كل تراكمات الماضي التي أصبحت على كتفه لو كان جبلا لانهار تماما يتماسك رغم كل الصعوبات التي يواجهها يبتعد من أجل الحفاظ على أرواح كل من يخصه لم يعد قادرا على الصمود ولكن يحارب من اجلهم ليس من أجله ولو كلفه الأمر حياته سيدفعه ثمنا للحفاظ على عائلته وحمايتهم من قيود الماضي التي تقيده وتشل حركته.
اخرج المذكرات وبدأ في أكمال ما كان يقرءه
بعد مرض شقيقه وهو في عمر عام واحد ولم يجدو له علاجا لهذا المړض بدء معاناة توفيق شعر بأنه سيخسر ابنه قطعة من روحه تذكر تؤامه الراحل ورفض أن يكون مصير أسر مثل مصير شقيقه الراحل ووالدته التي لم تتحمل فراق طفلها ولحقت به
رأ المۏت يحاوط بعائلته قرر الهرب والفرار من هذه البلدة شعر بأن رائحة المۏت تلاحقه بهذا المكان والماضي يعود ولكن باختلاف الأشخاص كان سليم في عمر السادسة وأخبر زوجته خديجة بضرورة السفر بالخارج من أجل البحث عن علاج لابنهم أسر وافقته الرأي وعاد بهم إلى ألمانيا حيث بلدة والده وبلدته وموطنه الأصلي وعاد لعمله زعيم الماڤيا بعدما يأس من محاولات علاج ابنه التي كانت تفشل بالنهاية وعلم بأن الصرع لا علاج له وسيظل ملازم طفله إلى أن يتوارى جسده الثرى سأم توفيق كل شيء وعاد البرود والجمود يسيطر عليه فرغم كل ما يملكه من أموال طائلة وأصبح من أغنى اغنياء العالم ولم يقدر على شفاء طفله لا ثروة ولا مال يجدي نفعا لذلك انخرط بعالمه الخاص داخل الماڤيا وبدء في العمل على غسيل الأموال ولم يقتصر عمله في السلاح فقط لا استغل كونه درس الطب وأسس مشفى بالقاهرة
إلى أن جاء اليوم الذي علم به سليم بما يفعله والده من خلال شركة الاستراد والتصدير وجهة يستغلها لاخفاء بعض الحقائق كما المشفى أيضا ستار يواري خلفه الكثير من الأعمال التي لم يصدقها بشړ فهذه المشفى بها العديد من المخالفات الغير قانونية وغير مسموح بممارستها ورغم كونه مشفى الشفاء الاناس الا انه هذا المشفى تحديدا يذهب بهم للاخرة يسلب روحهم بدلا من معالجته.
وبعد صدمة سليم في والده تبدل كل شيء داخله منذ تلك اللحظة كما حدث الحاډث المروع لسليم وانقلب سيارته للخلاص منه وعلم توفيق من الفاعل الحقيقي وراء حاډثة ابنه ومن هنا ثار غضبه وقرر السفر ومواجهة شقيقه جاكوب..
كان توفيق ينتظر قدومه داخل القصر المهجور الخاص بوالدهم ألبرت وابلغه بضرورة الحضور وعندما ات جاكوب أستقبله توفيق بنظرات حانكة غاضبة ووجه له اتهاما صريحا بأنه وراء ما حدث لابنه سليم
جاكوب..