رواية خادمة قصري بقلم منى ابو اليزيد
انت في الصفحة 1 من 27 صفحات
تلك المرة الأولي التي يطلب بوجود فتاة داخل قصره نهض من مكانه بشموخ كبير دس يديه في جيب البنطلون ضيق عينيه السمراء التي يكسوها الحزن هتف بنبرة هزت جدران القصر
انتوا مش بتفهموا أنا عايز البنت اللي كانت بتطبخ في المطعم
تنحنح أحداهما پخوف ملحوظ أراد التحدث ليظهر اعتراضه على طلبه فهمس بخفوت
حضرتك البنت دي معروفة أنها بترفض شغل خارج المطعم على الرغم من احتياجها للفلوس عشان علاج والدها
اتصلوا بالمطعم وجيبه رقمها
وبالفعل نفذ أحداهما الطلب أخذ رقم بلهفة فتح الهاتف المحمول الخاص به ضغط على عدة أرقام بسرعة ثم هتف
الو
مين معايا
أصيل الشاذلي
النمرة غلط
فجأة وبدون مقدمات أغلق الهاتف في وجهه زاح الهاتف عن أذنه بملامح الاندهاش التي فرشت وجهه مط شفتيه باستنكار عاد الاتصال مرة أخرى
عايزك تشتغلي عندي
نعم
في إيه محتاج شيف في قصري
سوري مش بشتغل عند حد أنا بشتغل في المطعم وبس
مرتب 10000 جنيه وقابل للزيادة فكري كويس
تلك المرة أغلق الهاتف المحمول في وجهها رد ما فعلته في الأول لا يتقبل الإهانة سواء بقصد أو بدون قوس فمه بابتسامة نصر كأنه على يقين من موافقتها
ظلت جوهرة تفكر في الأمر جيدا علت السعادة قلبها حين فكرت في المبلغ فهي تحتاج إلي المال لكي تكفي علاج والدها وجلب الأشياء التي تريدها هرولت بسرعة إلي حجرة والدها لتخبره لكي تعم الفرح في شامل البيت وقفت على باب الحجرة المفتوحة ظهرت رأسها المستديرة البيضاء مع جزء جسدها العلوي من الباب هتفت بسعادة عارمة
ترك سعد الجريدة التي يقرأها كعادته يوميا أشار لها بالولوج للداخل خاصة على المقعد المجاور له وقال بنبرة رسمية بنظرات عادية
تعالي يا جوهرة أقعدي
أومأت رأسها بالموافقة حركت قدميها للأمام بالفعل جلست على المقعد المجاور له زادت سرعة نبضات قلبها وتمتمت قبل أن تتفوه
عندي ليك خبر بس محتارة فيه
شبك يديه لبعضهما البعض ثبت بصره عليها منتظر أن يسمع منها ما تريد قوله لكي يعود لقراءة الجريدة مرة أخرى نفخ من الضيق ثم قال بنفاذ صبر
أخرجت نفس طويل قدر ما تحمله من حيرة وقالت بحماس
أنا أتعرض عليا شغل بمبلغ 10000
ربت على كتفها ببرود واضح كأنها لم يستمع جيدا ما قالته في التو ردد
مبروك ألف مبروك أوي في حاجة تاني
رفعت حاجبيها لأعلى باندهاش واضح لم تتوقع رد فعله بهذا الشكل كانت تظن أن ملامح فرحة في حالة القبول وحزن في حالة الرفض لم تأخذ منه سوي الخذلان وقلة فرحتها بالمبلغ التي سړقت منها في لحظة فعادت تقول مرة أخرى
نهض من مكانه حملق بعينيها السمراء الضيقة على مضض في عينيها البنية الواسعة التي ورثتها من والدتها رحمة الله عليها وقال بصرامة
عشان مقولتيش إيه الشغل يتوافق عليه أو لا نسيتي تربيتي ليكي
صعقټ بشدة كلماته كالخڼجر يطعن قلبها ببرود لكي ټموت قتيلة بعد ما قتل أحلامها الوردية لكي تعالجه وتجلب ما تريد فقالت بذهول
يعني إيه يا بابا أنت تقصد إيه
علت ضحكاته الممزوجة بتهكم على حديث أبنته التي لم تفهم مقصده سرعان ما تحولت لعبوس جديد وقال بحصره
الشغل يعارض ربنا ما هو مفيش شغل بالمبلغ ده
قفزت على الأرضية بقدميها تعرض اعترضها على حديثه فصاحت عاليا
أنت بتشك فيا
أشار عليها پغضب شديد قائلا
لا زعلان عشان المبلغ أغراكي وخلاكي تنسي ربنا
ثوان من الصمت مرت ولسانها ثقيل بحروف تتنازع نزعا للخروج من بين شفتيها قائلة بحزن
أنا أسفة يا بابا بس هشتغل طباخة في قصر
زفر مطول بعمق وبسمة حانية على شفتيه قال بهدوء نادم على أسلوبه الحاد معها في بعض الأحيان
يبقي تعرفي هتباتي هناك أو لا
.........
زاح شخص ما الهاتف المحمول عن أذنه نهض من مكانه باندفاع في لمح البصر تغير الجو فجأة من حوله حين علم بطلب حفيده اتجه إلي الشرفة نظر إلي السماء وجدها مليئة بالغيوم فسقطت الأمطار بغزارة مد يده بحيوية و نشاط كأنها سلاح أو قوة تسانده و تعاونه على الأيام لا يشغل باله سنه الذي يتعدي 75 عاما
تنهد بحزن عندما تذكر ما حدث لحفيده منذ بضع أشهر أصبح ملقب بالمظلم بعد تعمده تحول حياته إلي اللون الأسود استحوذت عينيه باللمعة عندما جاء في ذهنه في فكرة ما صاح عاليا على الخادمة التي تنظف الطاولة
تعالي هنا بسرعة
استدارت الخادمة بجسدها للخلف رمته بنظرات خجل قائلة بنبرة رسمية
أفندم
علق عينيه بعينيها لبضع ثوان وقال بتأكيد
أنت كنت بتقوليلي إن جارتك شغالة في مطعم وقت ما طلبت منك طباخة لأصلان وقولت رفضت
خفق قلبها بشدة حملقت بعينيها عليه باندهاش واضح فشعرت بجسدها كله مثلج من الذعرحاولت رسم ابتسامة هادئة على ثغرها وهي تردد بقلق
اها يا باشا هي عملت حاجة لسيدتك هي شعنونة وشقية بس والله طيبة
شعر بانتصار لحديثها هز رأسه بالنفي و قال باعتراض
لا بس كنت عايز عنوان بيتها عشان أقنعها تشتغل
لوحت يدها في عدم رضا ناظرة للأسفل بأسف و قالت بتردد
بس هي بترفض عشان والدها تعبان بتحب تكون جنبه
حرك يده لكي يشرح لها ثم قال بهدوء
متقليش أديني عنوانها وخلاص
وصل محمد الشاذلي إلي أحد البنايات القديمة ترجل من السيارة رافع عينيه إلي البناية البيت متهالك إلي حد ما جدرانه ملونة زهت الأوان عينيه بأمل كبير لعل تلك الفتاة تبدد حال حفيده الذي أصح السواد يحوطه من كل اتجاه
أغلق الهاتف المحمول دون كلمة ارتسمت ابتسامة نصر على ثغره اقترب يحقق حلمه ففرشت السعادة داخل قلبه وحدث نفسه
أوعدك يا أصلان إن حياتك هتتغير وأنا هساعدك
عدل ملابسه مستعد للدخول عند اقترابه من الباب لمس جيب البنطلون من الخارج تأكد من وجود شيء ما ثم طرق الباب بقلق زاهي على ملامح وجهه فتح له الباب فتاة ترتدي إسدال صلاة يغطها شعرها لا يظهر منها سوي ملامحها الهادئة التي تجذب من يراها أشار بيده عليه بابتسامة قائلا
جوهرة
أومأت رأسها بالموافقة على حديثه بملامحي تعتلي الحيرة والأسئلة لذلك قالت متسائلة
اها أنا جوهرة مين
محمد الشاذلي جد أصيل الشاذلي
سلطت مقلتيها عليه بعد ما اخترقت أذنيه اسمهعيناها مليئة بشغف منتظراه أن يظهر باقي حديثه لم تجد أي رد سوء كلمات خذلتها كأنه لسعت من عقرب سعت عينيها بالصدمة
أنا عايز أشوف والدك
تراجعت للخلف لكي تفسح له المكان وهي لا تعلم بمختطته لتلقي النداء على والدها پخوف بارز في كيانها الداخلي والخارجي زاد تعجبها أكثر بعد ما طلب محمد الشاذلي أنه تتركه معه بمفردهما
دام حوار بينهما كان الدهشة الخۏف الاطمئنان مسيطرين في الحديث بالترتيب حين انتهي هب محمد واقفا من مكانه رمقه بنظرات اطمئنان لتفهمه ما يريد
نفخ سعد من العبوس والقلق ليبلغ بنته ما يريده أن تنفذه وقف أمامها مباشرة وقال بإصرار
هسيبك تشتغلي عند اللي اسمه أصيل بس هتباتي وأنا معاكي
جزت على أسنانها من الغيظملامح وجهها تملأها الڠضب