رواية خادمة قصري بقلم منى ابو اليزيد
ثم هتفت
يعني إيه يا بابا أنت موافق ده أنت زعلتني من نفسي وقت ما قولتلك
ربت على كتفها بابتسامة ممشوقة على شفتيه وقال بسعادة
ده خير يا بنتي وهتعرفي في الوقت المناسب من غير أسئلة كتير
لم يكن أمامها غير الطاعة استعدت لتغزو عالم المظلم عالم ملئ باللون الأسود والغبار يحوطه من كل اتجاه لا أحد يستطيع أن ينزعه
ارتطم طفل صغير بشاب كبير يبدو في بداية نهاية العقد الثالث من عمره طالعه الصغير بنظرات حزن لسبب سقوط بعض العملات المعدنية على الأرض كطفل صغير لا يعرف أن يخرج ما داخله سوي الصړاخ
يا مامااااااا
حدق حمزة عينيه عليه حين تراكمت بهما الاندهاش رفع حاجبيه لأعلى من التعجب ليس متزوج من قبل لكي يفهم تصرفات الأطفال فضل يعيش بقرب مجموعة من الأشخاص دون أن يسمح للأطفال بالاقتراب منه فقال متسائلا
وقفت الدنيا لديه حين رأي فتاة في منتصف العقد الثالث من عمرها تقترب من الطفل بهلع مسيطر على ملامح وجهها ظهر جانب أنثوي لا يفهمه الكثير وخاصة الرجال عاطفة الأمومة ظلت تسأل الطفل ما به بينما هو كان في دنيا أخرى لم ينتبه إلي جمالها الهادئ الرقيق وعينيها البريئتين شرد فيها بخياله بأنه يراها تبث حنان من نوع آخر يحتاجها لتبادله إحساس بالفقد الذي حرم منه لسنوات طوال عاد إلي الواقع الذي أصبح يسوده الألم عندما ألقت عليه كلمات كالخناجر الطاعنة حين تأكد أن الحنان لا يعطي إلا لأبنه فقط
مط شفتيه للأمام بقلة حيلة يرد على سؤالها على مضض دون أن ينظر لعينيه السمراء منع نفسه كالعادة إلي استغراق في الأحلام ومحاولة تحقيقها
معملتش حاجة هو خبط فيا وهو بيجري مرة واحدة لقيته عيط
وضعت حنان يديها عند خصرها كتعبير منها على عدم اقتناعها بحديث يكسوه عدم المعرفة بشيء وهتفت بقوة شرسة كالقطة التي تصدر مواء حين يقترب من أولادها شخص ما
عقد مرفقيه بثقة لكي يثبت لها أنه لم يفعل شيء خاطئ وجدها تريد تطلق للسانها العنان بحرية باغتها حين وضع كف يده أمام وجهها لكي تكف عن الحديث قال بسخط
بصي بقي أنا معملتش حاجة لأبنك أهو عندك اسأليه بعد لما أمشي يمكن يقولك عن أذنك
في لمح البصر أختفي من أمامها كالمارد جزت على أسنانها من الغيظ لفشلها في أخذ حق ابنها ومعرفة ما حدث أخرجت هواء عميق نابع من صدرها انحنت بجسدها للأسفل ربتت على ذراعي الطفل قائلة بحنان
أجاب عليه پبكاء
الفلوس وقعت مني
جففت عبراته المنسدلة على وجنتيه برفق ارتسمت ابتسامة على ثغره قائلة باطمئنان
ولا يهمك يا حبيبي هديك غيره
وقت كالتمثال عينيه ثبتت على نقطة ما حاولت تحدثه مرات كثيرة لكنه لا يبالي اهتمام لها اضطرت أن تنظر مكان ما يطل بعينيه شهقت بصوت منخفض على الرغم أن داخلها ثورة خوف تستطيع أن تكفي العالم رأت طليقها أمامها بل الشيطان على شكل إنسان حاولت النظر بعيد عنه عندما نظر لها بعينيها المشټعلة بالڠضب بدأت تخطو مع أبنها بعيد عنه حتى تتفادى سواده
اتفقت جوهرة مع أصيل أن تذهب إلي القصر ليتم الاتفاق بينهما بسبب عمله المستمر ها هي وصلت إلي القصر دون أن تعرف عن المظلم شيء لفت انتباهه لون الأسود المرصع على جدران القصر مرت من أمام طاولة بالكراسي مصفوفة حولها وسط حديقة القصر كانت باللون الأسود كست تعبيرات وجهها بالاندهاش ثم حدثت نفسها
هو مش بيحب غير اللون الأسود ده شخص غريب
سمع سعد صوتها وهي تتحدث دون أن يفهم معني كلماتها نظر إليها بأعين تتفحصها قائلا
بتقولي حاجة يا جوهرة
نجح في انتشالها لتعود للواقع اهتزت قليلا لسؤاله جمعت شتات نفسه وهي تهرب من مواجهته اختارت أن تطل على الأشجار اللون الوحيد الذي جذبها وسط الأسود كأن من يسكن يعيش في محيط باللون الأسود قالت بصوت رخيم
مفيش حاجة متشغلش بالك
بعد خطوات قليلة كانت داخل القصر الذي يحوطه اللون الأسود تنتظر أصلان رائحة كاتمة تطير في المكان اعتقدت أن لا أحد يفتح شبابيك القصر منذ فترة طويلة حقا هي الحقيقة الشمس لا تدخل منذ بضعة أشهر هبت واقفة تتجه نحو النافذة سحبت الستار بحماس لا تعرف مصدره أخذت نفس عميق وزفرته مرة أخرى مع ابتسامة غزوت فمها سرعان ما تلاشت الابتسامة لتتحول إلي عبوس مع انقباض حاجبيه وفرش ملامح وجهها بالخۏف حين سمعته يقول
أنت أتجننت بتفتحي الشبابيك عشان يدخل النور المكان وأنت جاية تشتغلي عند المظلم
لا تصدق جوهرة ما سمعته كلمات زلزلت كيانها وفطرت قلبها لا تعلم كم مر عليها من الوقت وقفت عند كلمة المظلم ظلت ترددها عدة مرات متتالية بينها وبين نفسها پخوف استدارت للخلف بجسدها بضعف وجدت براثن الڠضب تطل من عينيه عدلت حجاب رأسها لتتأكد من خفي شعرها بتوتر أخرجت نفسا مطولا لكي تتمرد عليه ردت عليه بتحدي
أنت مضايق ليه ريحة الفيلا مكمكمة حاجة تخنق
كاد أصيل أن يرد عليها سرعان ما تذكر أنه بحاجة إليها خرجت تنهيدة منه بقدر ما يحمله من غضبه خفي إعلانه حدق مقلتيها بغطرسة لأنه صاحب القصر يحكم ويؤمر ثم ردد بنبرة أمر
بم أنك هتشتغلي هنا لأزم تعرفي قواعد البيت وتتنفذ بدون مناقشة
قوس فمها بابتسامة عارمة تدل على سخريتها من حديثه كانت كالطفلة الصغيرة تتحدث بعفوية دون حساب للقواعد فقالت بسخرية
أنفذ مرة واحدة وليه إن شاء الله
اقترب وجهه منها ليتصافح جزء من هواء أنفاسه وجهها بنظرات مليئة بالثقة هدر
أنت جاية تشتغلي عندي يبقي تلتزمي باللي بقوله
عقدت مرفقيها أمام صدرها باحت كلماتها بثقة راجع لتأكيدها ما سوف تقوله هو الحقيقة
ما أنت اللي طلبتني أشتغل عندك
أشار بسبابته اتجاهه صاح بصوت صاخب
وأنت وفقت على طلب يبقي تنفذي القواعد
كانت المناوشة بينهما حادة قطع كل ما يحدث تدخل سعد قائلا
ما خلاص انتوا الاتنين لازم تتفقوا يا متتقفوش
هز رأسه بحركة دائرية بتلقائية رفع حاجبيه لأعلى من شدة التعجب الذي احتل كيانه حين شاهده لم يكن يعلم بوجوده فهتف متسائلا
أنت مين
أجابت عليه جوهرة بتحدي وهي تضغط على كل حرف
ده أبويا وهيفضل معايا لو أشتغلت هنا ده لو اتفقنا أصلا
.........
استعدت حنان للعمل الجديد بعد أن تركت المطعم القديم ولحقت بمطعم آخر يناسب مواعيده مع أبنها اتجهت إلي أحد الطاولات بخطوات ثابتة محافظة على جفاف ملامحه من شتى التعبيرات وقالت بنبرة رسمية وهي تمد يدها للأمام بقائمة الطعام
أتفضل
هز رأسه بالنفي دون أن ينظر لها ثم هتف بخنق
أنا عارف هطلب إيه
طبيعة شغلها تجعلها تضطر أن تتحمل جميع الناس كتمت شعور الضيق الذي احتل كيانها قائلة
تحت أمر حضرتك
عايزك
سيطر الشړ على ملامحها عندما اخترقت أذنيها كلمته التي تشبها بالعاهرة رفضت تلك الوصف وأنها تصبح تباع وتشتري حدقت بمقلتيها المشټعلة بالنيران عليه أطلقت للسانها العنان ليبوح بالڠضب
أنت قليل الأدب
حينها ظهر وجهه لها ليبث الخۏف والتوتر داخلها رد عليها بثقة
عيب كده أنا ممكن أرفدك بسبب الكلمة
دب الخۏف يسير مع دمائها مع