الأربعاء 27 نوفمبر 2024

خيوط العنكبوت ج2

انت في الصفحة 12 من 25 صفحات

موقع أيام نيوز

كانت الفرحة عارمة بالحي بأكمله الجميع من جيران الحي يبارك ويهنئ وعلت الزغاريد وتوافدت على المنزل صديقات زمرد ووالدتها مباركة ذلك الحدث السعيد. 
وعندما خلى المنزل من ضجيج النساء دلف ألبرت غرفة زوجته النائمة بهدوء وجلس على طرف الفراش ينظر للطفلين بكل محبة وذرفت عينيه دموع الفرح بسبب قدومهم على حياته لتزداد سعادة فوق سعادته 
رفع انامله يداعب كف صغيره الغض الناعم الرقيق قبض طفله على أصبعه بكفه علت أبتسامته وهو يرا ابنه يفعل تلك الحركة متشبثا باصبع والده اما الطفل الآخر فقد كان في ثباته العميق لم يقدر على ترك صغيره لذك حمله برفق بين يديه وترك زوجته وصغيره الآخر نائمين وغادر الغرفة وهو يقرب صغيره من أنفه يستنشق عبق رائحته الطفولية التي تدغدغ أوصاله. 
جلس بركن مظلم في الغرفة المجاورة ووضع صغيره بحجره وظلت حدقتيه الصغيرتين تتلفت هنا وهناك وارجل ألبرت لم تكف عن الاهتزاز لكي يجعل صغيره يذهب في نومه ولكن يبدو أن الصغير مثل ابيه سعيد بهذا الانس بينهم. 
همس ألبرت بصوت خاڤت جانب اذنه 
شبلي الصغير لماذا لم تنم مثل أخيك ثم اردف قائلا
حسنا يا

صغيري سوف اقص عليك قصة جميلة ستجعلك تنم بهدوء
ظل يداعبه برفق وحنان ويهمس له بكلمات الأغنية التي يعشقها ليهدأ تمام ويرتخي جسد الصغير في نوم هانىء حمله برفق وأعاده إلى جوار والدته وشقيقه..
مر عام يليه الآخر وكبر الطفلين وهم الان في عمر الرابعة وكلما كبروا يزداد تعلق ألبرت بصغاره ويصطحبهم معه إلى البزار يوميا يركضون ويلعبون ويلهون بالخان وعند شعورهم بالتعب يجلسون بجوار والدهم الحاني الذي يجلب لهم مشروب العناب وبعض الحلوى المفضلة لديهم واللذين يطلقون عليها مسمى أرواح
ويظلوا بجواره إلى موعد الغداء لتاتي والدتهما بالطعام ويجلسون جميعهم يتناولونه في جو من الألفة والمحبة والمرح مع الصغار اللذين يتقاذفن حبات البندورة وصوت ضحكاتهم تجلجل في متجر التحف الخاص بوالدهم وهو يطالعهم بكل بسعادة لم يكن يعلم بأن سعادته ستنطفي فجأة عندما صړخ إحدى تؤامه يتلوى ويمسك ببطنه مټألما صارخا پألم يفتك بأحشاءه ولم يستطع تحمله وجسده الهزيل يتصبب عرقا
تحولت لحظة سعادتهم للحظة ألم على الصغير حمله ألبرت على كتفه وهرول به إلى المشفى الصغير الذي على بعد كيلو مترات من الخان يطلقون عليه مسمىوحدة صحية او مصطوصف صغير
في ذلك الوقت كان منتشر وباء الكوليرا التي تصيب كبارا وصغارا ولم ينجو أحد منها عاد بها إلى منزلهم وظلت زوجته ماكثة بجوار صغيره تعمل على خفض حرارته وتبكي بحړقة على آلام صغيرها ووقف ألبرت عاجزا عن فعل شيء يشفي فلذة كبده رغم أمواله وثروته إلا أنه يقف مكبل الايدي أمام صرخات وألام طفله الحبيب قرر السفر إلى ألمانيا لجلب علاج الصغير وتركهم بقلب ملتاع منفطر على حياتهم التي تبدلت في يوم وليلة..
ظلت زمردة بجوار صغيرها لم تكترث بأنه سينقل لها المړض وطلبت من والدتها الاهتمام بابنها الآخر ولن يأتي إليها الا عندما يتماثل شقيقه الشفاء فهي تخشي على إصابته هو الآخر وظلت تنتظر قدوم زوجها الذي سيأتي بالدواء من أجل صغيرهم ولكن طال الانتظار والطفل كل لحظة تزداد حالته سوء وشحب جسدها تماما وتحول للون الأصفر الهازل واصبحت أنفاسه تخرج بصعوبة والام المكلومة تبكي ۏجعا وألما لما يشعر به طفلها قطعة من روحها صوت أنينه ېمزق نياط القلب وخرج صړخة ملتاعة بقلب منفطر مكلوم عندما لفظ الملاك الصغير أنفاسه الأخيرة وصعدت روحه الطاهرة إلى بارئها والام تبكي بنحيب وعويل وهي تهز جسده الهزيل بين ذراعيها غير مصدقه بأن صغيرها تخلى عنها وتركها رحل عن الدنيا وترك خلفه قلبها المنشطر إلى نصفين نصف ډفن معه تحت الثراء والنصف الآخر عالق مع طفلها الآخر التي ترفض رؤيته خوفا من أن تنقل له العدوى فهي تشعر بأن جسدها ينخرها وتتعرق تارة وتشعر بالبرودة تارة أخرى تتقلب بين جنايا روحها تنظر للفراغ بشرود إلى أن شقت الابتسامة وجهها الرقيق ثانيا عندما رأت صغيرها يقف أمامها ويعلو وجهه أبتسامته الهادئة ويمد لها يده بأن تأتي إليه.
خرجت روحها في سكون والابتسامة تعلو ثغرها فقد لحقت بطفلها الذي لم تتحمل فراقه..
خيم الحزن على منزلهم الذي كان قبل أيام يعج بالضحك واللهو خلف الصغار تبدل كل شيء وتقلبت المقادير واجتمعت على إنهاء سعادة هذه الأسرة..
عاد ألبرت متأخرا ليجد المنزل خاوي من سكانه مظلم ومحش يعم به الغسق الكاحل لم يعد به شعاعا واحدا عكمة سادت بالمكان وحلت بالقلوب رحلت رفيقة دربه وحب حياته رحلت شمس نهاره وقمر ليله رحلت بسمته ونقاء روحه ليشعر الانكسار وتنهد حصونه فهذا الفراق الذي كان يخشاه تحقق ونفذ الأمر ولكن برحيلها تركت خلفها شبح رجل تجمدت مشاعره وعاد الشخص القاسې الطباع الذي نزعت الرحمة والإنسانية من قلبه للأبد ډفنها ثانيا مع زوجته وصغيره وقرر الهرب والفرار بطفله الآخر من هذه البلدة واقسم على عدم العودة إليها ثانيا سوف يعود لموطنه ومعه طفله الآخر توفيق.
ماټ قلبه للمرة الثانية وعاش روح بلا جسد يعاني كل لحظة ألم فراق يعتصر قلبه ويمزقه وبدء في زرع القسۏة بقلب توفيق بأن لا يرحم أحد وانتهى عالم الضعفاء قسى عليه بشدة لكي يشد عوده ويصبح شابا لن يهزمه الضعف ولن يقبل الخسائر.. 
عندما اشتد عوده وأصبح شابا يافعا جعل ألبرت منه مساعدا له ويحل محله في غيابه وعاد ابنه الآخر جاك وب وقبل ألبرت بوجوده في حياته ويعمل تحت قيادته داخل عالم الماڤيا وعاش جاكوب يكن داخله مشاعر الكره والاڼتقام من والده وكما انه يغار وجود شقيقه توفيق الذي يظل هو وجه والده دائما وهو مجرد ابن في الخفاء بعيدا عن الجميع..
وكل تلك المشاعر ترسبت داخل عقله منذ أن كان طفلا صغيرا رفض والده تقبله و زرعت والدته داخله الكره والحقد لوالده كما انه ذات يوم قرر التخلص من شقيقه لكي يراه والده ويشعر بوجوده لعله يندم على ما فعله بالماضي ولكن كان المۏت حليفا لوالده وهو في عمر الخمسون وهم في

عمر الخامسة والعشرون ورغم صغر سن توفيق الا انه اكمل مسيرة والده منذ رحيله وأصبح هو الزعيم والكل طوع أمره..
بالقاهرة.. 
مر أسبوعا أخر وأستقرت حالة أسر الصحية وقرر العودة إلى المنزل وعلم الجميع بخبر حمل زوجته وهذا الخبر جعل قلب خديجة يقرع كالطبول وتهللت أساورها لسعادة ابنها ولكن على الجانب الاخر تنظر لحياة الشاردة دائما وكأنها بعالم اخر غير عالمهم نظرة شفقة وحزن على ما أصابها وأنشغال زوجها عنها فقد كان سليم يقضي طوال الوقت خارج المنزل كما أن عائلتها طلبوا ان تذهب معهم ابنتهم تدخلت خديجة بالأمر ورفضت ان تذهب معهم حياة فهي قادرة على الاهتمام بها. 
حسمت أمرها وقررت ان تهاتف سليم وتطلب العودة إلى الفيلا بأسرع وقت لكنه اجابها بالانشغال التام ولم يعود إلا فجرا. 
لذلك زفرت أنفاسها بهدوء وجلست بجوار حياة تربت على ظهرها بحنو وهمس بجانب أذنها 
ايه رأيك يا حياة تخرجي معايا 
هزت رأسها نافية ولكن أصرت خديجة على الخروج وهاتفت السائق ليقلهم إلى منزل فاروق والد حياة وعزمت على ان تتركها لكي يشعر بها سليم فهي لا تقبل بأن تعامل حياة بهذا الشكل وكما انها أخبرت عائلتها بأن تتم حياة معالجتها هنا بجانب اسرتها وهي ستتردد عليها للاطمئنان على صحتها وتحججت انشغال سليم دائم بسبب عمله وكل شيء على عاتقه بسبب مرض شقيقه. 
تقبل فاروق الأمر بصدر رحب رغم الغصة الذي شعر بها عندما نظرت لخضرويتها النضرة ليجد الدموع تترقرق داخل حدقتيها والبريق الأخضر اللامع حزينا شاردا تائها. 
زفر أنفاسه بحنك وتذكر عندما طلبها سليم للزواج والوعد الذي قطعه على نفسه بالا يتركها وان لا يسمح بالحزن ان يسكن عينيها الجميلتين ولكن أين ذهبت هذه الوعود ضړب بها بعرض الحائط. 
احتواها منزل والدها أنفاسه الدافئة شعرتها تشعر بعودة الحياة إليها ثانيا وعلمت أن لا وجود لها إلا في وسط عائلتها ذهبت لغرفتها تقرأ سورة البقرة كما اعتادت وبعد أن انتهت من قراءتها خلدت للنوم.. 
لتجد نفسها وسط بستانا من الأزهار البيضاء محاطه بها وكان الأزهار تضمها باوراقها البتول وهي تدور حول نفسها وتبتسم في سعادة رأت فراشة جميلة زاهية الألوان تقزف من زهرة لزهرة سارت خلفها كالمغيبة إلى أن وجدت نفسها خارج بستان الزهور بمكان أخر فسيح ولكن قدميها منغرزة داخل الرمال تطلعت حولها بريبة وتيه لم تجد بستان الأزهار ولم تعد ترأ الفراشة بلا وجدت نفسها وحدها تجوب بعينيها الخائفتين المكان الخاوي وخرج صوتها صارخا تهتف بأسم زوجها. 
لتفيق من نومها بفزع وهي تصرخ بأسم سليم لتجد نفسها داخل فراشها وغرفة نومها وظلت تطالع الفراغ بشرود ولسان حالها يحدثها من الداخل 
يبدو أنها رغبته التخلص منها وندم على زواجه منها لذلك تركها كل تلك الليالي الماضية تعاني وحدها لقد خزلها وچرح قلبها عندما تخلى عنها في أشد محڼة تواجهها بينها وبين عدوها فلم يكن عدوها ببشر عادي مثلها وأنما عدوها الحقيقي هو الجان الذي يحاربها من أجل البقاء والخضوع له 
انسابت دموعها بعجز وعلمت حينها بأن سليم حقا أخطأ في قرار الزواج منها فهو لم يكن عاشق لها منذ البدايه انها كانت مجرد ټهديد تمثل بزعزت كيانه الشامخ داخل عائلته ولذلك تزوج منها وهو لم يحبها قط فقط أشفق على حالتها بعدما علم بما فعلته بها زوجة عمها التي هي طريحة الفراش الآن 
رحلت حياة عن المنزل الذي لم تجد داخله الدفء الذي يحتويها لن تجد الأمان بلا وجدت نفسها داخل زنزانة صغيرة والاغلال الحديدية محاطة بقدميها وايديها ملتف حول جسدها تكاد ټخنقها وتزهق روحها عادت الان لامانها الوحيد وسندها في الحياة والدها الذي يتحملها مهما كانت تقلباتها وتغيرات حياتها..
لقد منحت غيري كل ما تمنيت أن أحظي به ..
أعطيت الحب بلا مقابل و أنا القلب المليئ بالندوب منحت الدفء بلا حدود وأنا ارتعش من البرد زرعت الطمأنينه في نفوسهم و أنا في قمة إحساسي بالخۏف. 
كنت أرصف لهم دروب المحبة و الود وأنا التائه أبحث عن الطريق ..
في كل مرة كنت ابذل شيئا جميلا من نفسي لأحد كأني اقول لها ستعود لك كل الأشياء الجميلة التي منحتها للآخرين .. كنت و كأني أعتذر لها عن بشاعة هذا العالم .. كنت و كأني أقدم لها اعتذارا عن كل السوء الذي صادفته ..
فاقد الشئ يفرغ قلبه بالكامل على طاولة الحياة 
و يمنح فوق طاقته لأنه أدري الناس بمرارة فقد هذا الشعور !
ظلت خديجة مستيقظة
11  12  13 

انت في الصفحة 12 من 25 صفحات