روايه جديده بقلم فاطمه يوسف
جدرانه ووجدت أناسا يتحدثون معها ويشاركونها يومها منذ أن أتت وتلك الأيام تمر سريعا لونسها وسط أخواتها ووالدتها
أنهت مع ولديها مساعدتهم في دروسهم ثم رفعت رأسها وجدت والدتها تنظر إليها اندهشت من نظرة والدتها فربتت على ظهر أبنائها وقبلتهم بنهم ثم قامت من مكانها وجلست بجانبها وبدأت الحديث
_ مالك ياأمي بتبص لي اكده ليه
_ أصلك من يوم ماجيتي يابتي البيت اهنه وأني متابعة حالك إنتي وولادك طلعتوا كيف النسمة شايفاكي أم جميلة مهتمية بولادها ودايما نضاف ودايما قاعدة تعلميهم الصح والغلط وهما ياحبة عيني مؤدبين العيبة مبتطلعش منيهم وحتى إنتي كمان يابتي نضيفة في نفسك قوووي يعني مش مهملة في بيتك وولادك رقم واحد عنديكي
_ ليه واحد زي جوزك مشايفش كل ده ومهمل فيكي زي ما بتقولي
رأت مها حزن والدتها عليها وعلى حالها الظاهر فقط لها فما لها لو علمت حالها الباطن وما وصلت إليه بسبب إهمال زوجها فيها
ثم تحدثت بوج ع عما يجيش في صدرها
_ تعبت يا أمي ومبقتش قادرة أتحمل حياتي وصلت لمرحلة اني كارهة نفسي وكارهة الدنيا باللي فيها
حياتي تكون زي أي ست مع جوزها لكن ياأمي أني بنفخ في قربة مخرومة عمرها ماهتتصلح ابدا.
جذبتها والدتها بين أحضانها وظلت تهدهدها كالطفل الصغير لما رأت دموعها وشعرت باحتياجها إلي دفئ واحتواء ثم أكملت مها من بين شهقاتها
نفت ماجدة كلامها بشدة وهي تضغط عليها داخل أحضانها كي تشعرها بالحب وهتفت بنفي
_ لا يابتي حقك إنتي عليا انك كل مرة كنتي بتاجي فيها اهنه كنت أردك وأشتمك واتهمك إنك بتتدلعي حقك على أمك ياقلب أمك اني مشيت ورا جهل العادات والتقاليد وموقفتش لجوزك ده من الاول لحد ما وصل بيه الحالة يمد يده عليكي وقدامنا كماني
لحد مجدي دي مايتعلم الأدب ويعرف أنه كان معاه ست الناس وست الستات اللي محافظة عليه وعلى عرضه وولده .
ماإن ذكرت والدتها سيرة العرض حتى اجهشت في بكاء مرير لتذكرها ما آلت إليه فقد ضعفت وارتك بت كبيرة من الكبائر التي تهتز لها سبع سموات
وعادت بذاكرتها لسنوات من العمر مضت وهي تتذكر أولى طريق انحطاطها
فلاش_باك
كانت جالسة تتفحص الهاتف بيدها في جو ملئ بالفتور فمنذ أن تزوجت مجدي من عامين وهي تشعر بالملل فيومه كله يقضيه بالعمل ويأتي ليلا ينام من شدة التعب
والى الآن لم تحمل في أحشائها جنينا منه كي يلهيها مشغوليات زوجها عنها
وأثناء انهماكها في تصفح الهاتف الذي ملت منه استمعت الى صوت الباب يعلن عن وصول أحدهم نظرت في ساعتها وجدتها الخامسة عصرا فاندهشت ان ذاك ليس معاد رجوع زوجها فهو يأتي يوميا التاسعة مساء يتناول طعام العشاء ثم يغادر مرة أخرى كي يدور مصالحه
ذهبت مسرعة بحيوية وابتسامة زينت محياها لظنها انه أتى اليوم باكرا وانها ستحظى بليلة سعيدة لم تقضيها معه منذ أكثر من ثلاثة أسابيع
وفتحت الباب بابتسامتها وإذا بها تنصدم بأنه ليس زوجها وانما هو عامر أخيه
ألقى السلام عليها ويبدو على وجهه علامات الانزعاج
_ كيفك يامها .
أشارت إليه أن يدلف فهذه شقة أخيه الأكبر كما أنها تعتبره أخيها الأصغر وهتفت
_ زينة الحمدلله ياعامر إيه مالك باين عليك إنك زهقان وقرفان من شي .
دلف الى الداخل وهو يردد بفتور
_ زهقان على الاخر اتخان قت مع صاحب الشغل من يومين ومشيت ومش هرجع اشتغل وياه تاني .
مطت شفتيها بسخرية
_ وه هو إنت مالك حالك مايل اكده ليه من اسبوعين سبت خطيبتك وكنت بتت خانق معاها كل شوي و دلوك سبت شغلك اللي كان واخد نص وقتك وبيسليك ليه اكده ياعامر
احتدم غيظا من سيرة خطيبته التي ذكرتها مها مرددا بغ ضب
_ متجبليش سيرة البت داي تاني دي كانت بت الكبر والعنتظة واخدينها على الاخر ومفكرة نفسها ملكة جمال الصعيد وهي أصلا ولا فيها من الجمال قيراط .
ضحكت بشدة على طريقته الساخرة من تلك الفتاة ثم هدأت من نوبات ضحكها وأشادت بخفة دمه
_ والله العظيم إنت دمك عسسسسل ياعامر وتصدق إنت عنديك حق والله ده أني قعدت وياها ساعة واحدة كنت عايزة أطبق في زمارة رقبتها من طريقتها وكأنها بتكلم الناس من مناخيرها
ثم استرسلت حديثها بشهادة حق
_ بس الشهادة لله ياعامر البنتة كانت جميلة فعلا .
حرك شفتيه باستنكار وردد
_ بس د مها تقيل على قلبي قعدتها بتخن قني وروحها مش مقبولة
ثم تابع كلماته وهو ينظر لها نظرة اعجاب
_ مش زيكي اكده يامرت اخوي شوفي كنت جايلك زهقان وقرفان ومن مجرد عشر دقايق قعدتهم وياكي ضحكت من قلبي ومش حابب أفوت قعدتك والله لولا وجودك ماكنت أعرف كانت هتهون إزاي وهتحدت ويا مين .
أخذت نفسا طويلا ثم هتفت بشرود وهي تنظر حولها بفتور
_ طيب ماني زييك أهو قاعدة بين أربع حيطان لما زهقت من التلفزيون للتليفون مجدي ملهش مواعيد رجوع ومش فاضي أغلب الوقت أصلا طول النهار بكلم نفسي لما طهقت ياعامر .
ض رب كفا بكف ثم هتف باستنكار على حال أخيه الغير منصف في معاملة أهل بيته
_ والله اني معرفش مجدي اخوي بيطيق الشغل ليل نهار اكده كيف
واسترسل حديثه وهو ينظر لها بإعجاب
_بقي في حد يهمل القمر ده ويفوته لحاله ليل نهار والله انى لو منيه لقعد جارك ومفوتكيش أبدا هو العمر في قد إيه علشان نضيع لحظاتنا الحلوة في هم الدنيا اللى مبيخلصش أبدا.
نظرت إليه بحالمية لأول مرة وتمنت لو أنه هو زوجها وليس مجدي وظل الإثنان ينظران بشرود كل منهم للآخر وتلك اولى شرارة التعود على تلك الجلسة التي تكررت مرارا وتكرارا وأصبح كل منهم متعلق بالآخر وانقلب مسار حديثهم ونظراتهم
عودة_من_الباك
عادت من شرودها على صوت رجوع مكة من الخارج وجلست على التخت بإنهاك وهي تاخذ أنفاسها وتخلع نقابها ثم لاحظت احمرار عينيها ووجهها واستشفت انها تبكي فسألتها بقلق
_ مالك ياحبيبتي پتبكي ليه عاد والله اني کرهت صنف الرجالة كلياتهم بسبب مجدي جوزك بوز الفقر ده .
تطلعت مها إلى السقف بخجل من حالها ومما كانت تفكر به وهي لاتريد النظر في عيناي
تلك الأبية الخلوقة المتمسكة بدينها وعزة نفسها بعزم ضد أي شبهات كعزم الجبال
ثم تحدثت بطمئنة لها
_ له ياحبيبتي مش كل الرجالة زي مجدي ده ملهش مثيل في جموده وقس وة قلبه وبروده
مسيرك هتقابلي اللي هيشوفك ملكة ويحطك تاج على راسه اوعاكي تتعقدي مني ولا تفقدي الأمل إنتي زينة البنتة اللي لازم هيجيلك زينة شباب قنا بحالها .
ما إن ذكرت مها حديثها ذاك حتى جال بخاطرها الاثنان الشيخ عبدالرحمن وآدم وظل عقلها يقارن بينهم وبالرغم من أن ذاك الشيخ لم ترى منه إلا المعاملة الصارمة منذ تلك المرة التى تحدثت معه فيها وقابلها بعد ذالك مقابلات عابرة إلا أنه يأخذ حيزا من تفكيرها ولكنها لم تحبذ طريقته في الحديث عن آدم فالآمر بالمعروف والناهي عن المنكر لا يغتب ولا ينم
أفاقت من تفكيرها على صوت مها أختها تسألها بقلق
_ مالك ياحبيبتي سرحتي في ايه
ألقت نقابها على التخت وخلعت حجابها من على رأسها ثم تحدثت بتيهة
_ هو إزاي نفرق بين الشخص اللي نختاره شريك حياتنا والشخص اللي مينفعش نهائي
اهتز فك مها بسخرية من استفسار أختها وأجابتها
_ ملقتيش إلا أني
وتسأليها السؤال ده يامكة ! اسألي حد غيري نافع في اختياره ونافع في حياته مش زيي قال على رأي المثل اختياراتي مدم رة حياتي.
خلعت مكة مقبس شعرها وأسدلته على ظهرها حتى طال التخت الجالسين عليه ثم قامت وجلبت المشاطة وأعطتها لمها وطلبت منها
_ خدي الاول سرحي لي اللبيكة دي وبعدين نشوف حوار اختياراتك ده يا خيتي علشان افكرك بأيام زمان كنت اټخانق وياكي علشان تسرحي لي شعري وانتي كنتي تتمنعي فاكراها الايام داي يا أم الزين
تناولت منها المشاطة وقامت بتمشيط شعرها برفق محبب إلى قلبها قائلة
_ ياه وينها الايام داي يامكة ياريتها تعود وأرجع مها القديمة بنقائها زي ماكنت بس ليت الزمان يعود يوما.
_ ليه بتقولي اكده ياخيتي إنتي لسه طيبة ونقية وقلبك كبير وحنينة زي مانتي وزيدي عليهم ولادك التوم حاجة جميلة ومنورين حياتك أها وتصدقي منورين حياتنا إحنا كماني .
قلبت عينيها بحزن على وصف اختها وأكملت ماتفعله ولم ترد على كلامها ثم استمعا إلى صوت دقات على باب الغرفة وإذا به أحد الصغيرين يستأذنها للدخول فأذنت له
فتحت له مكة ذراعيها بالأحضان ثم أخرجته وتحدثت وهي تداعب وجنته
_ ياخلاثوو على السكر حبيب خالتو اللي بيستأذن قبل مايدخل لأمه
ثم أكملت وهي توجه حديثها إلي مها
_ بذمتك ياشيخة في حد يبقي عنديه القمرات دول ويحزن ! والله إنتي ربنا باعت لك ملاكين يابتي .
زينت الابتسامة محياها وهتف الصغير
_ أني جعان ياماما .
قرصت وجنتيه بمحبة ورددت
_ ياحبيب ماما طيب مقلتش لتيتى ماجدة ليه
ألقى الصغير عيناه أرضا خجلا لأنه ليس معتادا أن يطلب شيئا من أي شخص إلا من والدته فقامت معه بحب وأخذته في يداها
أما مكة ظلت تنظر لأثرهم بابتسامة وهي تداعب خصلات شعرها الحريري وإذا بالهاتف الخاص بها يعلن عن وصول رسالة فتحته كي ترى محتوي الرسالة وإذا بها تنفخ ضيقا وجدتها رسالة من ذاك الآدم مدونا فيها
_ ازيك يا ملاكي حسيت إني عايز أسلم عليكي وأكلمك هو ينفع اتصل بيكي
انزعجت من طريقة اقتح امه للخاص عندها وكتبت رسالته له بضيق
_ هو انت مفكرني ايه بالظبط علشان تبعت لي رسايل وعايز تكلمني
كان متوقعا ضيقها وردها العن يف ثم أرسل لها
_ طيب دي فيها ايه كمان ياست مكة هو أنا دخلت أوضة نومك بالغلط ولا حاجة .
اتسعت مقلتيها بذهول وأرسلت له ايموشن وكتبت رسالتها
_ إنت قليل الأدب على فكرة ومش محترم ولو سمحت لو كلمتني تاني ولا بعت لي رسالة هعمل لك بلوك من كل مكان .
رغم أنها اهانته إلا أنه ابتسم لبرائتها وشراستها في آن واحد يتعلق بها كل يوم عما قبله ينسحب لعالمها المختلف تماما عن عالمه كل دقيقة يحياها ماذا بها كي تأسره عن غيرها من كل نساء العالم
ثم رد مشاغبتها