بقلم سيهام العدل
على ذلك كيف لها أن تفكر فيه بهذه الطريقة فلا يجب أن يكون سوي الدكتور ياسر والد يزيد ويزن وإن تمادت في ذلك فستكون في نظره ونظر نفسها إمرأة لعوب غير شريفة لذا يجب أن تفيق من ذلك.
جلست ترتشف الشاي أما التلفاز في مدخل المنزل وعقلها شارد في ذلك اليوم الطويل بأحداثه المختلفة وبعد مرور أكثر من ساعة لا تعلم متى غفت واغلبها النعاس.
سألها عليها ببعض الجمود نمتي هنا ليه.. منمتيش فوق
ليه
نهضت واقفة وأجابته بخجل كنت بتفرج على التلفزيون والنوم غلبني
أومأ بهدوء وقال طب اطلعي نامي لأن الوقت اتأخر
ابتلعت ريقها بتوتر وسألته طب محتاج حاجة مني قبل ماانام
هزت له رأسها واتجهت ناحية السلم ولكن قبل أن تصعد التفتت له تقول بخفوت نسيت أشكر حضرتك ع اللي عملته معايا النهاردة
تعجب فسألها هو أنا عملت إيه
ردت عليه بخجل أول حاجة الفستان اللي حضرتك جبته ليا وكمان ردك على والدتك رغم أنها مقالتش حاجة غلط
رفع حاجبه بإستنكار واقترب عدة خطوات منها وسألها بإستنكار وأنتي شايفة نفسك خدامة ياغصون
قاطعها قائلا ماهو إيه ياغصون أيوة أنتي هنا عشان الأولاد بس مش شغالة وانا عرفتك ده من البداية وقولت لياسمين اني ممكن اجيب ست تعمل شغل البيت وانتي يقتصر عملك على الولاد بس اظن انك رفضتي ده وحبيتي انتي تهتمي بأكلهم واحتياجاتهم حصل
استكمل قائلا بحدة اللي حصل النهاردة من أمي مزعلنيش غير منك لأنك إنسانة ضعيفة سلبية ومحتاجة شوية جرأة وقوة تواجهي بيهم الناس والمجتمع وللأسف انتي بتفتقدي ده ياغصون وبصراحة بدأت أخاف ينعكس ده على الأولاد وعلى شخصيتهم بما أنك أقرب شخص لهم حاليا
شعرت بالحرج من كلامه وأخفضت بصرها ولكنها مدركة ذلك جيدا فهو محق هي افتقدت القدرة على مواجهة المجتمع منذ أن كانت طفلة كانت تخشي مواجهته وبأي حق تواجه تلك المنبوذة منه تلك التي خرجت له كالنبتة الشيطانية بدون جذور كيف لها أن تستقوي وتتكئ وهي دون ظهر.
تجاهد أن تغفو بعد ذلك اليوم الشاق الطويل الملئ بالأحداث قلبها ېحترق لفرقتها عن أختها بعد سنوات عمرها الثانية والعشرين التي جمعتها في حلوها ومرها ولكنها تتمنى لها السعادة وان تهنأ بأيام جميلة مع زوجهاولكن لقائها بغصون هو ما أسعدها فكم تمنت أن تلتقيها ثانية وهاهي الأقدار قد لعبتها جيدا تلك المرة وجمعتهم ثانية فغصون بالنسبة لها ذكرى أمها التي دائما ما أوصتهما عليها وغير ذلك فغصون جميلة في كل شئتملك قلبا من ذهب لذا فهي تستحق سعادة الدنيا بأكملها وقررت من الغد أن تتحدث معها وتعرف ظروف حياتها وإن كانت تحتاج لأي مساعدة فقد تيسر معها الحال وأصبحت تعمل في مجال الرسم وتجلب الكثير من المال عند تذكر الرسم نهضت تجلس مبتسمة على تلك الملامح السمراء الخشنة التي أثارت بداخلها مشاعر كانت تخشي كثيرا أن تخرج من قلبها فهي تعلم جيدآ أن ليس لها الحق كغيرها من الفتيات في ذلك ولكنها ستكتفي بتلك الذكرى الجميلة التي فازت بها الليلة ذكرى ذلك الشاب الذي أظهر إعجابه الشديد بها دون خجل ونظرات الحب الذي كانت في عينيه مازالت تأسر قلبها قلبها الذي تتزايد دقاته كلما تذكرت ذلك فهي في أمس الحاجة لقلب محب من رجل يحتويها ويشاركها الحياة بعدما رفقتها الوحدة وحكمت عليها الحياة بها.
وبينما تنفرد بها تلك الذكرى جاءتها نغمة لمجموعة رسائل متتالية على هاتفها وبعدما التقطت هاتفها وفتحت تلك الرسائل ابتسمت بسعادة وهي تجد تلك الرسائل من ذلك الشخص الذي شغل تفكيرها المسمى تميم عمران والرسائل عبارة عن مجموعة الصور المتتالية التي التقطها لها ويلي كل صورة تعليقه الشخصي عليها فتلك الصورة التي تبدو فيها متذمرة يكتب تحتها جميلة أنتي في غضبك وتلك النظرة تفتنين بها قلبي
بينما تلك الصورة التي تبتسم فيها كتب تحتها لا شىء أجمل منك في غضبك سواكي وأنتي راضية
ثم الصورة التي كانت تهم فيها مغادرة كتب تحتها لا تتركيني وترحلي فأنا لن أعيش بمفردي بعد أن وجدتك ياأنيسة وحدتي
اما تلك الصورة التي كانت تحاول أن تخبئ وجهها حتى لايستطيع التقاط الصورة لها كتب تحتها لا تخفي وجهك عني فالشمس تشرق من عيناكي
ظلت تتمعن
الصورة وما كتبه تعقيبا عليها أكثر من مرة غير مصدقة عيناها تتعجب هل هو حقا مغرم بها لهذا الحد ولكن أوقف حيرتها رسالة نصية منه يسألها بذمتك مش حرام الظلم ده
تعجبت من سؤاله ولكنها كانت ترفض أن ترد عليه وبعد أقل من دقيقة لم تستطع وأد فضولها وسألته ليه أنا عملت إيه
أجابها في التو أخدتي جمال الكون كله ومسيبتيش للبشر حاجة
احمرت وجنتيها خجلا وكأنه يراها ثم رفعت يدها تضعها على قلبها لعلها تستطيع تهدئة نبضاته التي ترتفع صوتها وتتسارع ولكنها خشيت التمادي معه لأنها سيأتي اللحظة التي ستصحو من ذلك الحلم على ۏجع كبير ېحرق روحها فأرادت حسم ذلك وسألته ممكن أفهم عايز إيه
أجابها سريعا عايز أشوف الشمس وهي بتشرق كل يوم وأرسل مع تلك الرسالة صورة لعينيها فقط قد اقتصصها من إحدي الصور.
احتل العبوس وجهها مكان الابتسامة كما احتل الحزن قلبها مكان السعادة وتملك الخۏف منها من خوض تلك التجربة التي تعلم أنها لن تبوء إلا بالفشل وبعد أن كانت ستجيبه قررت غلق ذلك الباب نهائيا فهي لن تحتمل أي خذلان في حياتها بعدما يعرف حقيقتها.
على الجانب الآخر هو يجلس ينتظر ردها فلقد حقق حلمه بعد طول انتظار لقد التقاها اليوم بعدما كان يلتقيها فقط في أحلامه لمدة عام لقد سانده القدر اليوم وساعده في أن يحادثها ويلتقط لها تلك المجموعة من الصور التي هي بالنسبة له أكبر إنجاز في حياته كما اطمأن قلبه أن قلبها خالي من غيره ولا بد أن يملؤه به هو فقط وهو متيقن أن حبه وعشقه لها سيجعلها تبادله ذلك عن قريب.
ينظر للهاتف عدة مرات ولكنه لم يجد ردا لذا كتب إليها إيه مش هتحني عليا وتخليني اتمتع كل يوم بالشروق ولكن عندما ضغط لإرسالها وجد رسالة لا يمكنك الإرسال لتلك الجهة فقد قامت بحظرك
نهض يزفر بخيبة ويقول ليه كده ياسدن مصممة تبعدي المسافات مابينا.. بس أنا لازم هوصلك
ثلاث ساعات ا تبكي منذ أن رأته والدم يغطي وجهه بالكامل قبل أن يدخل غرفة العمليات لم تكن تعلم أن مازالت تحمل له كل ذلك الحب إلا حينها عندما شعرت أن تلك الچروح التي رأتها في قلبها
حينها انحنت ياسمين تجذبها قائلة بحزن مينفعش كده يا يمني.. سيبيه خليه يدخل العمليات وادعيله
حينها نهضت تنظر بتوسل لياسمين وتسألها هيعيش ياياسمين صح.. قولي أنه هيعيش
هزت ياسمين رأسها وأجابتها بدموع هيعيش ياحبيبتي هيعيش
في نفس اللحظة قال أحد رجال المستشفي الذي يدفعه على تلك السرير المحمول لو سمحتى ياآنسة ابعدي خلينا نشوف شغلنا
فجذبتها ياسمين جانبا حتى يستطيع هؤلاء الرجال المرور به بينما يمني أنزلقت من بين يدي ياسمين تجلس باكية على الأرض ومازال دماء وجهه تلطخ صدر فستانها التي جاءت به مهرولة.
وبعد قليل من الوقت كانت قد إستطاعت ياسمين اصطحابها إلى إحدى الإستراحات القريبة من غرفة العمليات وتهدأتها قليلا ولكن مازاد الأمر سوءا هو قدوم ياسر بوجه عابس يخبرهم قوية كده يايمني عشان يوسف اما يخرج محتاج اللي يسانده ويقويه وأنا هروح اخلص الإجراءات مع أهل يوسف عشان والدته تخرج
منذ أسبوع وهو يحاول جاهدا على عدم الإختلاط بها رغم الڼار التي تتأجج في صدره كلما تذكر مافعلته به وغدرها به والتقليل منه كلما يتذكر ذلك تسول له نفسه أن يأخذ سکينا ويذبحها حتى يرى دماءها تسيل فتبرد ذلك الڼار التي تحرقه كل لحظة كان يظن أنه سيستقر ويؤسس بيتا سعيدا بعدما نجح في عمله وينشئ أسرة ويعيش إنسانا طبيعيا يعمل نهارا ويعود مساء يجلس مع زوجته يحكي لها ماحدث في يومه ثم يتمتع بها بالحلال بعدما كان يهرب أغلب لياليه اليائسة عندما كان يشعر بالفشل والعزيمة إلي الأماكن المحرمة يسكر ويضاجع النساء وهذا ما يجاهد نفسه تلك الأيام ألا يفعله فهو لم ينقصه خسرانا لنفسه وإنتقاصا لها بعدما عاد من ذلك الطريق المظلم منذ أن فعل الحاډثة التي أفاقته بعض الشئولكنه يعيش حياة مظلمة بسبب مافعلته الفتاة التي اختارها عن الجميع معجبا بشخصيتها الصارمة وأخلاقها التي ظن أنها ندرت في هذا الزمان عندما يتذكر ذلك يبتسم مستهزئا بنفسه على ماظنه فيها فقد طعنته في منتصف قلبه حتى أدمته مېتا على قيد الحياة ولو كان يمتلك الجرأة لكان لفظها خارج حياته كاشفا للجميع حقيقتها الملوثة ولكنه خشي على سمعته هو وعائلته فهو يعلم جيدا أنه لو فعل ذلك سيصبحون علكة في أفواه الجميع غير أنه غير قادر على مواجهة الشفقة في عيون البعض والشماتة في عيون البعض الآخر لذا قرر أن يبقيها فترة قليلة ثم يلقيها خارج حياته للأبد عازما على عدم تكرار التجربة مرة أخرى فقد أفقدته الثقة في جميع نساء حواء.
شعر بالثقل يتزايد على صدره فنهض يفتح خزانة ملابسه خدامة ملاقيش حاجة