الجزء الاول نزيلة المصحه
ومحتار..
قربت منه وقعدت جمبه وعشان مااحسسهوش باني عارفه هو محتار ليه وبيفكر فأيه فتحت معاه الموضوع بطريقه تانيه..
ابو ود.. مالك كفاله الشړ مهموم ليه
قاسم بتنهيده فيه موضوع كده شاغلني وبفكر فيه وبحاول ارسي فيه علي قرار ياكريمه وخصوصا انه موضوع مصيري وهتترتب عليه حياة ٤ اشخاص..
طيب ايه رأيك تحكيلي اللي شاغلك ممكن اساعدك فى حله.
تعرف يابو ود الانسان فيه حاجات مينفعش ياخد فيها قرار لوحده ولازم يشرك حد معاه فقراراته دي وياخد رأيه.
اصلا كل انسان فالدنيا لازم يكونله شريك يبقي معاه طول الوقت وفكل حاجه.. شريك حياة يشيل مع الواحد همومه ويقسم معاه احزانه ويخفف عنه
قاسم باستغراب غريبه.. زي ماتكوني قريتي اللي فدماغي وعرفتي بفكر فأيه!
وخصوصا اني شايفه قبول منها ليك.. الست ام حسام يابو ود..
اولا هتلم لحم اخوك وتحافظ عليه ثانيا هتعفها وتعف نفسك وتبقي كسبت فيها اكبر ثواب
ثالثا بقي حسام هيبقي طول الوقت تحت عينك ومش هتكون مضطر للشحططه كل شويه بين هنا وهناك..
فقد تحدثت طويلا وارتعشت انفاسها فاغمضت عيناها قليلا والحقيقة انه قد بدأ يشفق عليها كثيرا فقد نال منها الاجهاد فقال لها مخففا
ايه رايك كفايه كده دلوقتي وتيجي آخدك تشوفي ود وتقعدي معاها شويه يمكن لما تشوفك تتكلم او تدي اي رد فعل ودي حاجه هتكون فصالحها وتخدمني جدا فاللي جاى.
تبسم الطبيب حمزه علي سعادتها وحماسها وهم واقفا وتحرك معها الي داخل مبني المشفي متوجهين الي غرفة ود التي بمجرد ان وقفت امامها كريمه حتي تصاعدت دقات قلبها بحنين واشتياق وتعالت صيحاته مع فتح الطبيب حمزه للباب وقامت بوضع يدها علي صدرها تلجم حنينها الجارف
وهي تجلس علي سرير صغير متقوقعة علي نفسها
واضعة رأسها علي ركبتيها بعد ان ضمتهم معا بعقد يديها حولهم
وكامل تركيزها منصب علي تلك النافذة المقابله لها
ولم تعر اهتماما للباب الذي فتح او لمن دخل منه وكأنها في عالم آخر بعقلها وادراكها ولم يتبقي منها في عالمنا غير هذا الجسد الهزيل..
حتي هرولت اليها في لهفة واشتياق ترجمتها دموع عينيها المتساقطه تباعا وما ان وصلت امامها حتي وقفت في صمت متأملة حال ابنتها التي لم تنجبها من احشائها ولكن حبها ولد من رحم قلبها
واعتصر قلبها ألما وهي ترى مظاهر الحياة قد فارقتها تماما ولم يتبقي منها سوى انقاض ود..
اما ود فرفرفت بأهدابها حين حجبت عنها رؤية اوراق الاشجار المتراقصه من وراء النافذه وخيم بدلا منها سوادا
فرفعت عيناها لتكتشف مصدره وما ان فعلت ذلك حتى ضمت حاجباها وتبدلت ملامحها لملامح طفلة صغيره قد عادت اليها امها بعد ان تركتها فى رعاية احد الجيران مدة طويله وافترقت عنها لأول مرة في حياتها..
فترقرقت الدموع في عينى ود لتهبط منهما دمعة لم تستطع الصمود اكثر
حين دفعتها دمعة اخري لتستولي على مكانها لتدفعها اخري مما نتج عنه سيلا من قطرات الدموع المتدافعه والتي جعلت كريمه تجلس بجوارها سريعا فتلمها في احضانها
لتشهق ود شهقات متتالية جعلت الطبيب حمزه يبتسم وهو يري علامات الحياة تعود الي جسد ود من جديد برؤيتها للسيدة كريمه..
ولاحظ حركة يديها وهي تتمسك بها بقوة كغريق قد مر بجواره جزع شجره..
رفع الطبيب حمزه الكرسي الحديدي وتحرك به خوفا من ان يصدر صريرا يزعجهم اذا قام بسحبه وابتعد به بعيدا وقام بوضعه في زاوية الغرفه وجلس عليه تاركا للاثنين المجال للتنفيس عما بداخلهم من اشتياق ترجم في هيئة دموع تتسابق من الاثنين وشهقات تتعالي حتي بدأت تظهر علي السيدة كريمه علامات اختناق
فسارع الطبيب حمزه اليها وقام بفتح حقيبتها بدلا منها وهو يراها تحاول ذلك وكل محاولاتها تبوء بالفشل..
فأخرج بخاخ الرزاز وقام بوضعه في يدها لتسارع هي في وضعه بفمها والضغط عليه وكل ذلك تحت انظار ود المرتعبه والتي لازالت يداها متشبثة بثوب السيدة كريمه..
اقترب الطبيب حمزه من اذن السيده كريمه واردف لها هامسا بعد ان بدأت انفاسها تهدأ
من فضلك ياام ود حاولي تهدي عشان هي كمان تهدى وارجوكي حاولي تخليها تتكلم وتقول اي حاجه اتكلمي معاها فحاجه تكون بتحبها او حاجه كانت بتفرحها عشان تتجاوب معاكي وتتكلم..
ردت عليه السيدة كريمه بإيمائة خفيفه من رأسها فابتعد عنها مبتسما وهو يراها بدأت بترتيب خصلات شعر ود المتناثرة
بعد ان مسحت بأطراف اصابعها قطرات الدموع التي استكانت علي وجنتيها وهمست لها بحنوا بالغ
ودووده.. ود يابنوتي الحلوه خفي ياقلبي عشان ترجعيلي ترجعي لحضن لماما كريمه من تاني
خفي واوعدك هاخدك ونبعد عن كل الناس الوحشه
هنسافر بعيد انا وانتي وبس وهنروح فمكان جميل بيطل على بحر
مش انتي طول عمرك بتحبي البحر ياود احنا هنعيش جمب البحر وتفضلي تبصيله ليل نهار...
تيما قطتك حبيبتك بتدور عليكي فكل مكان اكيد عايزاكي تكوني جمبها وهي بتولد وتختاريلها اسامي ولادها وتربيهم وتهتمي بيهم زي مابتهتمي بمامتهم
عصافيرك كمان مش مبطلين تنطيط وتكسير فالقفص بجناحاتهم عايزين ياكلوا من ايديكي وتفضلي تتكلمي معاهم زي ماكنتي بتعملي..
ورودك اللي فالجنينه اللي زرعاهم بأيدك خلاص براعمهم قربت تفتح وعايزين لما يفتحوا يفتحوا عنيهم علي صاحبتهم اللي ادتلهم الحياة باهتمامها
كل حاجه مشتاقالك ياود ونفسها ترجعيلها
لم ترد ود على ماكانت تقوله السيدة. كريمه الا بمزيد من الدموع والحسرات وشهقات تخرج عالية متتالية كانها تنفيس لبركان من ألم ېحترق داخل جوفها..
استمرت السيدة. كريمه فى الحديث مع ود وتكرار محاولات استدراجها للحديث ولكن للاسف قد بائت جميع المحاولات بالفشل وكان الصمت حليف ود..
التي كانت تشعر بأن أغلال تكبل فمها تمنعها من الحديث وكأن لسانها قطع عهدا علي نفسه بعدم النطق اوتاهت منه الحروف فلم يعد يستطع اليهم سبيلا.
تنهدت كريمه وهي تنظر لود بقلة حيله قبل ان تلفلفها في احضانها مرة اخري ونظرت للطبيب حمزه بيأس ولكنه اومأ لها برأسه يخبرها بأنه لا بأس
واخذ ينظر اليهم وهو غارق في التفكير في الطريقه التي يجب ان يتبعها للدخول الي عقل تلك الصامتة العنيده ونزع شرنقة الصمت من حولها لتخرج من صمتها ويقودها الي فضاء الامل الواسع فتنطلق مرفرفة الى سماء الحياة من جديد..
تنهد بقوة قبل ان يقف داعيا السيدة كريمه للخروج والاكتفاء بهذا القدر رغم رؤيته للاثنتين وقد استكانت كل واحدة فيهم في احضان الاخري كأسير عاد لوطنه بعد غياب
وخصوصا وهو يري ود قد اغمضت عيناها كطفلة صغيره نامت علي صوت تهويدات امها ولم يشأ ان يقاطع صفوا لحظاتهم ولكنه مضطر
فاردف بنبرة هادئه
كفايه كده ياأم