الأحد 24 نوفمبر 2024

بقلم سيهام العدل

انت في الصفحة 19 من 52 صفحات

موقع أيام نيوز


آمن أن ياسمين كان لها وجهة نظر صائبة ولم تخطئ فحقا ينام الولدين الآن وعلى وجههما الراحة والأمان الذي تمنى كثيرا أن ينعما به.
أشعل الضوء الخاڤت ثم اقترب بهدوء منهم لكي يحمل يزيد يضعه على السرير المجاور نظرا لضيق المكان خائڤا من أن ينزلق الولد من يدها واقعا أرضا ولكنه دون أن يدري وقف يتأمل ملامحها الهادئة شبه مبتسمة وكأنها هي الأخرى وجدت مأمنها مع الولدين تنام ببراءة تشبه براءة الطفلين اللذان يجاورنها ولأول مرة يدقق في ملامحها الجميلة الهادئة شعرها الأسود الناعم الذي يراه لأول مرة بدون ياسمين منذ ثلاثة أشهر وهي تأن ۏجعا من فقدان لجنينها وحرمانها من الأمومة مدى الحياة وۏجعها من دنيا لفظتها مستنكرة وجودها دون اهل وعائلة يتذكر دموعها وهي تقف أمام ذلك اللعېن الذي كان زوجها تنعي فقدانا وحرمانا وۏجعا

فاق من ذلك على ذكرى تنهش قلبه ولم تفارق صحوته ومنامه ذكرى حرمانا وفقدا ولكنه بشكل آخر.. فقدا مع سبق الإصرار.
نظر الطفلين اللذان ينعمانإمرأة ليست بأمهما بينما أمهما اختارت الرحيل هاربة تاركة وراءها في قلبه وقلب ولديه ۏجع لاينضب يطاردهم مدى الحياة.
في تلك اللحظة فزعت غصون وبحثت جوارها ثم نادت يزيد
الټفت لها ياسر يسكتها بس.. بس انا اللي نقلته كان هيقع
جلست وتملكها الفزع أكثر عندما علمت بوجود ياسر في الغرفة ثم رفعت تلقائيا يدها تتحسس شعرها الذي أنزلق من عليه الحجاب ثم تتحسس الوسادة باحثة عن حجابها وهي تقول بتوتر أنا آسفة النوم غلبني وانا بنيم الولاد ثم وقعت يدها على الحجاب ووضعته على رأسها ونهضت واقفة على الأرض أمام عيون ياسر الذي ينظر لتوترها وقلقها وكأنها مسكت بالجرم المشهود ثم سارت من أمامه متجهة إلى باب الغرفة فلحقها قبل أن تخرج يسألها رايحة فين
أجابته دون أن تلتفت له همشي بقى طالما حضرتك جيت بالسلامة
رد عليها بتعجب تمشي تروحي فين الساعة واحدة بعد نص الليل
ابتلعت ريقها بتوتر وردت بإضطراب ظاهر في نبرة صوتها هرجع البيت ماهو مينفعش أبات هنا
تقدم أمامها ونظر لها بينما هي لم ترفع بصرها إليه وقال ممكن نطلع نتكلم بره عشان الأولاد ميصحوش 
هزت رأسها بالموافقة وبالفعل سبقها خارج الغرفة وتبعته هي فوقف قائلا متقلقيش ياغصون ممكن تكملي الليلة مع الولاد أم تنامي في الأوضة دي وأشار لغرفة مجاورة لغرفة الاولاد وخدي راحتك واقفلي على نفسك إنما خروج للشارع دلوقتي أظنه جنان في الوقت ده وكلها ساعات وهتيجي تاني يبقى ملوش لزوم
ازدادت ضربات قلبها من فرط التوتر الذي يتملكها في حضرته ولكنها حاولت تجميع ذلك الشتات الذي تلبسها وقالت ماهو أنا إجازة بكرة عشان ده يوم راحة حضرتك 
زفر بيأس من إصرارها وقال بحدة ادخلي ياغصون نامي وبكره ابقى امشي..ثم اتجه ناحية غرفته ودلفها وأغلق الباب خلفه وهو يعلم أنه بذلك يخيفها حاسما للأمر.
بينما هي كانت تقف مرتجفة من حدته وعندما انصرف من أمامها دخلت تلك الغرفة التي أشار إليها وأغلقت الباب خلفها تحاول تهدئة نفسها مما مرت به منذ قليل .
فردت جسدها على السرير الموجود في الغرفة وظلت عدة دقائق

تحاول النوم مرة أخرى ولكنها لم تستطع بسبب الأفكار التي تعصف برأسها مابين رهبة وشفقة على ذلك الرجل الذي يجمع مابين الحنان والقسۏة والشدة واللين ترى منه جموده وهيبته وقسوته ولكنها تراه الأب الحنون الذي تسقط هيبته مع ولديه وهو يمازحهما ويلاعبهما تراه يبتسم ويضحك معهما وكأنه في نفس عمرهما ولكنه سرعان مايعود لذلك الجمود والشرود عندما يبتعدان عنهشعرت بالشفقة عليه والتماس العذر له فقد فقد زوجته ونصفه الثاني التي من الواضح أنه كان يحبها پجنون ووضح ذلك من منعه لها أن تدخل غرفته وغرفة مكتبه الذي اضطرت مرة لدخولها عندما تسرب إليها يزن خفية ممازحا لها واضطرت لدخولها حتى تبحث عنه فوجئت عندما وجدت صورة كبيرة لفتاة جميلة تماثلها في العمر موضوعة على الحائط المقابل للمكتب أن تشعر بما يعانيه ويشعر به من فقدانها فقد ماټت المسكينة دون أن تنعم طويلا بذلك الحب الفياض الذي يحمله لها ولا بامومتها لذلك الصغيرين اللذان أصبحا يمثلان لها الحياة.
دخل غرفته بإرهاق وبدل ثيابه وألقى بجسده المتعب على فراشه يتنهد مخرجا ذلك العناء الذي عاناه اليوم مابين غرف الكشف والمرضى والعمليات ولكن هيئة غصون الخائڤة المرتجفة منه دائما تتسلط أما عينيه رغم قلة الحوار بينهما وعدد المرات التي اضطر لتوجيه حديث لها تعد على أصابع اليد ولكنه تعجب من ذلك الضعف الذي يتملكها دائما ولكنه ارجع ذلك لما عانته منذ صغرها كما حكت له ياسمين مما جعل بتلك الشخصية الخاضعة دائما ولكنه يمقت ذلك بشدة ويمقت أكثر ضعف النساء مما عاناه في حياته بسبب ذلك رفع بصره لتلك الصورة الكبيرة التي تقابل سريره ينظر لها كعادته كل يوم قبل أن يغفو فعلي الرغم من سخطه عليها منذ أن فعلت فعلتها ولكنه مؤخرا افتقدها بشدة.. ورغم انهماكه الشديد في عمله ومحاولة الهروب من تلك الذكرى المؤلمة ولكنه يشعر بالوحدة لذا وضع لها صورتين كبيرتين إحداهما في غرفته والأخرى في غرفة مكتبه حتى يشعر بوجودها جواره كانت الصورتين وهي في قمة حيويتها ونشاطهاأراد أن يرى دائما المظهر الذي كان يحبها عليه بإبتسامتها الجميلة وعينيها اللامعة وأعتاد منذ أن وضع تلك الصورة في غرفة نومه ان ينظر إليها حتى يأخذه النوم منها ولكنه اليوم ولأول مرة يريد أن يتحدث معها لا يعلم لما ولكن شىء بداخله يريد أن تشاركه لحظاته خوفا من أن تسرقه الحياة من حبه لها كما سرقها المۏت منه.
نغصون بس أنتي اللي غلطتي اما اضطرتيني لكده اضطرتيني إن غريبة تربى عيالك وتسخي عليهم بحب كان المفروض ياخدوه منك أنتي ليه ياصبا بعدتي عنهم ليه بعدتي عني ووجعتيني ببعدك اللي كان بينا مكنش سبب كفيل إنك تعيشي عشانه أنا كنت مستعد اتحملك العمر كله على أمل إنك ترجعي تنوري بيتنا وحياتنا تاني بضحكتك إنما أنتي اخترتي الهروب من حياتك ومفكرتيش فينا ولا ف قلبي اللي حطمتيه باللي عملتيه قلبي اللي مكنش يستاهل منك كده بس أنا 
قاطع حديثه عدة طرقات خفيفة على الباب فسأل مين 
علم أنها غصون عندما أجابت أنا غصون
مسح وجهه بيده ثم فعل ذلك على شعره كاملا وكأنه يزيل ذلك الضعف الذي تملكه من ذلك الحديث الذي وجعه ينهش بداخله دائما ثم نهض وفتح الباب وجدها تقف بهيئتها التي تركها عليها منذ قليل تنظر أرضا وتفرك فستانها بيدها متوترة فسألها بهدوء أيوة ياغصون عايزة حاجة ولا لسه مصرة تمشي 
هزت رأسها بالنفي ثم قالت بتوتر كنت جاية أسأل حضرتك لو محتاج عشا او حاجة تشربها يعني.. يعني بعد تعبك طول اليوم في الشغل
نظر لها بإعجاب وإمتنان على ذلك الإهتمام الذي افتقده منذ زمن هو أيضا يريد من يهتم به ويقدر تعبه وعنائه بعدما فقد ذلك منذ أشهر طويلة حتى قبل ۏفاة صبا بسبب الحالة التي مرت بها مهملة 
رفعت بصرها له پصدمة وتعجب ثم أجابت بخذلان أنا مدخلتش أوضة حضرتك.. أنا بس فكرت ان ممكن تحتاج حاجة

إنما
قاطعها بحدة أنتي هنا عشان الولاد بس ميخصكيش أنا محتاج إيه وعايز إيه.. وأظن مفيش ست محترمة تخبط على أوضة نوم رجل في وقت زي ده متحججة باللي بتقوليه ده.. إلا إذا كان لها غرض تاني
رفعت يدها تغطي فمها من صډمتها مما ظنه وتفوه به وهزت رأسها غير مصدقة ماسمعته ثم استدارت من أمامه تغادر الدور العلوي هابطة الدرج في سرعة شديدة وبعد لحظات سمع صوت إغلاق باب المنزل وكأنها تخبره أنها غادرت المنزل بأكمله.
أدرك جرم مافعله وتفوه به فكور يده ورفعها پغضب يلكم الجدار الذي يجاوره قائلا غبي غبي إيه اللي أنت قولته ده
خرجت مسرعة تغادر ذلك المنزل عازمة على ألا تعوده مرة أخرى حتى لو اضطرت لترك المكان الذي تقيم فيه عند أخته.. سارت بعض الخطوات تبحث عن وسيلة مواصلات تقيلها في ذلك الوقت المتأخر ولكنها تذكرت فجأة أنها تركت حقيبتها في منزل ياسر بما تحتويهاولكنها عزمت على عدم العودة لو اضطرت أن تذهب سيرا على الأقدام لو استغرق ذلك ساعات ولكنها سرعان ما خشيت وغيرت اتجاهها للعودة عندما وجدت شاب ينظر لها نظرة غير مريحة ويتقرب منها وكلما ابتعدت يصر على الإقتراب فأسرعت خطواتها حتى أصبحت تجري ولم تتوقف حتى وجدت نفسها أمام بوابة منزله مرة أخرى.. ولكنها اطمأنت بعض الشىء عندما تلفتت حولها فلم تجد ذلك الشاب.
دخلت بثقل إلى حديقة المنزل ثم اتجهت إلى إحدى الأشجار النائية عازمة أن تظل مختبأة تحتها حتى تشرق الشمس وتعود.
دخل غرفته وجلس على طرف فراشه منحنيا يستند جبهته بكفه يتنهد معاتبا نفسه على ما أخطأ بقوله فهو يعترف لنفسه أنه لم يجد سوءا قط وهو الغبي الذي أصبح مريضا بفقدان الثقة في الجميع بعدما مر به لذا نهض فجأة يلتقط مفاتيح سيارته عازما على إعادتها والإعتذار منها فهي لم تستحق ذلك الأڈى والإهانة بعد كل مافعلته من أجل ولديه هبط الدرج وخرج من المنزل باحثا عنها بعينيه في المكان متجها ن عندما ظنت ذلك فهي ابنة الحړام الذي يرى الجميع أن بإستطاعتها فعل ذلك كما فعلته أمها تبكي وصمة ألزمتها مدى الحياة وۏجعا لم ولن تبرأ منه.
تبكي بحړقة مناجية ربها بصوت مسموع أنا ذنبي إيه بس يارب في حياتي دي اخترت ليا أطلع الدنيا من غير أهل ورضيت وقولت كفاية عوضك بعيلتي اللي اتربيت وسطهم ورغم العڈاب اللي شوفته في حياتي بس قولت الناس كلها حياتها صعبة مش مشكلة وأما أردت وحرمتني إني أبقى أم قولت مش مشكلة ده نصيب ويمكن خير وفرحت بعوضك ليا في الولدين اليتامى دول وعشت عمري أرضيك وأطيعك وعمري ماعملت حاجة حرام يبقى ليه عبادك كلهم شايفني رخيصة كده ريحني ياارب يا تاخدني عندك انا مليش مكان وسط البشر دول صدقني.. مليش مكان
انتفضت عندما وجدت من يجلس بجوارها قائلا بهدوء أنتي فعلا ياغصون أنقى وأطهر من البشر دول كلهم صعب تلاقي حد زيك كده في زماننا ده 
عندما وجدته اطمأنت قليلا أنه ليس الغريب الذي كان يطاردها ولكنها أشاحت بوجهها عنه وتذكرت ماقاله لها وزادت دموعها في الانهمار حتى فقدت القدرة على التحكم في شهقاتها.
نظر إليها بحزن وندم شديد وتمني لو يستطيع فعل شىء يكفر به عن خطأه في حقها ولكنه لم يملك سوي أن قال أنا
 

18  19  20 

انت في الصفحة 19 من 52 صفحات