بقلم سيهام العدل
آسف أنا عارف إني غلطت فيكي بس أنا مقصدتش.. يمكن ضغوط الشغل مأثرة عليا فمفكرتش في الكلام قبل ماأقوله
الټفت بوجهها ناحيته وقالت بصوتها المتقطع من شدة البكاء وقالت أنا مش وحشة والله وعمري ماعملت حاجة غلط وكنت رافضة شغلي هنا عشان عارفة إن مينفعش أشتغل في بيت رجل عازب بس حبي ليزيد ويزن هما اللي اضطروني إني أوافق وأنا فعلا جيت لك الأوضة عشان اشوفك لو محتاج حاجة أقدمهالك وده بس عشان جميل مدام ياسمين اللي هيفضل في رقبتي طول العمر مش عشان أنا نيتي حاجة وحشة لا سمح الله
نظر لوجهها الذي أصبح كتلة حمراء من شدة البكاء وعينيها اللتان اختفى بياضهما واحتل مكانهما اللون الأحمر شعر بشىء ينهش في قلبه على حالها وعلى ماتسبب فيه واستنتج كم هي هشة ضعيفة من صدمات الحياة المتتالية لها ويكفى أنها تعيش في هذه الدنيا لاجئة من مكان لآخر تحملت الكثير برضا ظاهر منتظرة العوض كما سمعها منذ قليل تشكي لله ولكنها تتلقى الصڤعات واحدة تلو الأخرى دون رحمة او شفقة من بشړ.
تلك الضحېة فقال بلهجة حانية أنا آسف فعلا عن اللي قولته ومعترف إني أخطأت بس أكيد حبك ليزيد ويزن هيشفعوا ليا وتسامحيني على اللبخ اللي قولتله
مسحت عينيها وجهها من أثر الدموع وقالت بحزن حصل خير يادكتور
قال بشرود لنفسه صدقيني مش خير أبدا ياغصون مستحيل يكون خيرطالما المرحلة وصلت معايا إني أذى اللي حواليا فأنا فعلا محتاج علاج
ثم نظر إليها ونهض واقفا ثم قال طب ياللا قومي ادخلي جوه مينفعش قعدتك دي
رفعت بصرها إليه وقالت معلش يادكتور أنا مبقاش ليا شغل هنا المطلوب بس من حضرتك إنك تجيبلي شنطتي عشان نسيتها جوه
أخفضت بصرها مرة أخرى وانهالت دموعها في الهبوط ولكن تلك المرة دون صوت هو لايعلم أنها تحتاج للولدين أكثر مما يحتاجها هما.. هما أعطا لحياتها طعم ومعنى ولايمكنها الإبتعاد عنهما فعلت شهقاتها قلة حيلة.
رأي هيئتها ذلك ياسر فشعر بالعجز عن التخفيف عنها فابتلع ريقه وقال بصوت خاقت قومي ادخلي للولاد وخلي بالك منهم ... ثم تركها واتجه إلى سيارته واستقلها هاربا من المكان بكل تلك المشاعر المتضاربة التي تعصف به.
تجلس ياسمين متذمرة وتتنهد بيأس وهي تنظر إلى مجموعة من البطاقات الورقية التي أمامها بقلة حيلة ولكن فاجأها دخول مراد عائدا من عمله ينظر لها متسائلا مالك قاعدة زعلانة ليه
أجابته مبقتش قادرة على كده آسر كركب الدنيا فوق دماغنا القادر خطوبة وجواز في شهر لما الكل مبقاش فاضي حتى يتنفس ومبقاش الا يومين وفيه حاجات كتير في التجهيزات ناقصة
جلس مراد بجوارها ومسح على كتفها داعما لها ثم قال شوفي ناقص إيه وأنا معاكي وكمان مش قولتوا الموضوع هيكون ع الضيق يعني التجهيزات بسيطة
هز مراد رأسه نافيا وقال لا معرفش هو حصل جديد
أجابته قائلة ماما رفضت طبعا وقالت أنه لازم يعمل فرح كبير لو هيستني فترة اما ظروفه تتحسن وكفاية أنها وافقت على العروسة عشان خاطره رغم أنها غير مناسبة وآسر رفض وصمم على رأيه وعشان الموضوع يتحل ياسر حجز له قاعة مناسبة وعمل كروت دعوة عشان ماما تتراضي وآسر استسلم للي بيحصل
رد عليها مراد أنا فعلا كنت عارف إن ماما هترفض بس قولت يمكن حد فيكم أقنعها
قالت ياسمين بإستياء طب واليومين دول أنا هقدر أخلص فيهم كل حاجة
وقبل رأسها قائلا اعتبريني في إجازة وانا معاكي كل حاجة هتتحل
ابتسمت ثم باطن كفه قائلة حبيبي يامراد ربنا مايحرمني منك أبدآ
قاطع لحظتهم الدافئة رنين هاتفها فاعتدلت تجذبه ثم نظرت إليه وأجابت أيوة ياياسر
أجابها ياسر علي الطرف الآخر أيوة ياياسمين معلش كنت عايز منك طلب
ردت عليه بحماس أطلب ياحبيبي
أجابها أنا كنت ناوي آخد الأولاد النهاردة واشتري لهم لبس لفرح آسر بس جاني عمليات مستعجلة ومش هعرف اروح ممكن ترني على غصون وتاخدوا الأولاد تشتروا اللبس
نظرت لمراد بقلة حيلة لتراكم المسئوليات عليها ثم ردت علي ياسر قائلة اوك ياحبيبي انا هجبلهم اللبس
رد عليها بإمتنان شكرا ياياسمين وكمان شوفي فستان كويس لغصون وبأي سعر ولايهمك
ردت عليه ياسمين أنا كنت ناوية أجيب فستان غصون.. متشلش انت هم
رد عليها معارضا لا ياياسمين شوفيلها فستان مناسب تختاره هي بقالها شهر مع الولاد وتعبت معاهم ومن حقها تتكافىء
ردت عليه بإستسلام خلاص تمام بس على فكرة هي رفضت تاخد المرتب اللي أنت طلبت مني أعطيهولها وبعد معاناة اخدت نصه بس وقالت إنها متستحقش غير كده
تنهد ثم قال خلاص مش مشكله انا هتصرف سلام دلوقتي عشان عندي عملية
ردت ياسمين سلام ياحبيبي
وقف يعدل هندامه بسعادة أمام المرآة مستعدا للنزول لعمله ولكن فاجأته أمه من خلفه تحمل هاتفها على مكالمة مرئية من أخته وابنتها.
قالت أمه بسعادة اهو ياتغريدربنا يحميه ياقلب أمه قمر
ردت تغريد بمزاح إيه ياواد ياتميم الحلاوة اللي أنت فيها دي
الټفت تميم للهاتف يرسل لهما قبلات في الهواء قائلا وسعي كده يابت انتي عشان كل البوسات دي لتمارا قلب خالو
ردت تمارا بصوتها الطفولي أي لاف يو خالو
ابتسم لها تميم وقال لاف يو تو حبيبة خالو
تدخل تغريد متسائلة بفكاهة سيبك ياواد من تمارا دلوقتي وقولي متشيك كده ورايح فين
رد عليها وهو يلتقط زجاجة العطر ويرش منها عن بعد رايح فرح هصوره وادعيلي كده عشان أخوكي بدأ يتشهر وبكره يبقى أعظم فوتوجرافر في مصر.
تدخلت الأم قائلة عقبال فرح ياتميم يابني وافرح بيك ربنا يوسع رزقك ويحبب فيك
خلقه
اقترب منها تميم وقبل رأسها قائلا أيوة كده ياست الكل ادعيلي
ثم نظر لكاميرا الهاتف في يد والدته سلام ياتغريد دلوقتي عشان هتأخر اسيبك بقى مع ماما
ردت عليه تغريد بالسلامة ياحبيبي خلي بالك من نفسك
تنظر لنفسها في المرآة بعدما أنهى جميع من في مركز التجميل إعدادها لتظهر على أبهى حلة وبالفعل نجحوا في ذلك فهي الآن تقف مبهورة بنفسها وقد أصبحت ملكة متوجة بفستانها الأبيض وحجابها وزينتها الرائعة وذلك التاج الجميل الذي أضفي على كل ذلك تميزا وهيبة.
لقد أصبحت عروسا كما تمنت كثيرا حتى وبعد أن كانت فقدت الأمل في ذلك فهي الآن نجحت فيه وبجدارة.
اقتربت منها سدن التي فسدت زينتها أكثر من مرة بسبب بكائها علي ذهاب ونيستها من ذلك المنزل الذي أصبح موحشا لكليهما ولكنها ستعود الليلة له وحيدة دونها وتعاني الوحدة إلى الأبد أمسكت يد أختها وقالت بسعادة ممزوجة بالحزن زي القمر ياسدرة ربنا يحميكي دلوقتي العريس أما يوصل هينبهر بجمالك
عندما تذكرت مجيئه انقبض قلبها وتصلبت ملامحها ولم ترد فقالت لها سدن سدرة انتي كويسة
هزت سدرة رأسها بالإيجاب وشردت فيما هو قادم وفيما هي مقدمة عليه لم تنتبه سوي بصوت الفتيات حولها العريس وصل
نهضت سدن تبتعد عنها وتفسح الطريق لدخول العريس لأخذ عروسه.
رغم كل التعب والمعاناة الذي عاشها في ذلك الشهر حتى يتم الزواج سريعا كما أرادت ولكن كل ذلك تلاشي عندما رآها تقف كأميرات الروايات بالفستان الأبيض جمالها الذي كان دائما يجذبه تضاعف أضعافا اليوم بتلك الزينة الساحرة تمنى لو حملها بين يديه وهرب بها إلى شقتهم الخاصة حتى ينفرد بذلك الجمال وينعم به ولكنه تغلب على ذلك آملا أن تكون أجمل ليالي العمر له ولها وتظل ذكراها محفورة بداخلهما إلى الأبد مبروك عليا أنتي ياأجمل عروسة
توترت وشعرت ببرودة أطرافها ياللا ياآسر هنتأخر
تعالت الزغاريد في المكان والكل يتحاكي في جمال العروسان ولكن وقفت سدن تنظر إليهما بتمنى
جلس ياسر وبجواره مراد في مقدمة القاعة يستقبلان الضيوف حتى قدوم العروسين ولكن وقف ياسر مذهولا عندما وجدها تهبط من سيارة ياسمين ممسكة الولدين في يديها تقترب دالفة باب القاعة لم يصدق في البداية أنها هي تلك الفتاة التي لم يراها منذ ماحدث بينهما تلك الليلة كان دائما يتحاشي الحديث معها أو النظر إليها خجلا مما فعله بها حتى وإن كانت سامحته فهو لم يسامح نفسه.
مدح ياسمين بداخله على إختيارها لها ذلك الفستان البنفسجي الطويل الذي أبرز جمال قوامها و بياض بشرتها مع ذلك الحجاب الفضي الذي لم يزد وجهها سوي جمالا وتلك الزينة البسيطة التي يرى بها وجهها البريء لأول مرة ولكنها أظهرت جمال عينيها السوداويتين كما حددت جمال شفتيها الساحرتين عند ذلك النقطة نفض تلك الأفكار من رأسه وعاتب نفسه على تلك الطريقة التي يراها بها اليوم وكأنه يتغزل فيها بعينيه.
له وقال حبيب قلب بابي
استرق النظر لها مرة أخرى وجدها تقف خافضة بصرها بتوتر جانبا على مقربة منه فاستنتج أنها تنتظر عودة يزيد لها فهمس له روح بقى عشان غصون بتستناك تدخل معاها
رد عليه يزيد أنا راجل وهفضل معاك هنا يابابي ومع أونكل مراد
ابتسم له ياسر ثم وضعه على الكرسي الذي كان يجلس عليه وقال لمراد خد بالك منه يامراد أنا راجع حالا
أومأ له مراد بموافقة ثم مال علي الطفل يمازحه بينما توجه ياسر تجاهها حتى وصل إليها.
كلما اقترب ازدادت توترا وأمسكت طرف حجابها المتدلي على صدرها تفرك به كعادتها عندما تشعر بالتوتر وحينما وصل إليها أخذت نفسا عميقا ولم ترفع بصرها فمال حاملا يزن انتي
ردت عليه دون أن ترفع بصرها أنا واقفة استنى مدام ياسمين بتجهز شوية حاجات في العربية وجاية
رد عليها تمام ادخلي استنيها جوه.. مينفعش تقفي كده
ابتلعت ريقها بتوتر وأجابته أنا بصراحة خاېفة ادخل.. أنا معرفش حد جوه
تفهم ياسر قلقها وخۏفها فهز رأسه بموافقة ثم تركها وعاد مكانه في نفس اللحظة دلفت ياسمين التي وقف مراد في استقبالها بإبتسامة تملأ وجهه مبهورا بجمالها الذي مازال يسرق قلبه وعقله كلما تواجد قريبا منها فاقترب منها يمدحها أنتي متأكدة إنك مش العروسة
ردت عليه
بدلال ومين قالك إني مش عروسة أنا عروسة كل لحظة بكون جمبك فيها
ابتسم لها بحب ثم سألته بحماس إيه رأيك في الفستان
نظر إليها يتفحصها من أعلى إلى أسفل بفستانها الأسود الذي يزين صدره بعض الوردات باللون الأحمر ثم يهبط منفوشا من عند صدرها حتى النهاية وترتدي حجابا باللون الأحمر الذي فتنها مع تلك الزينة المتناسقة مع